الأشعري ليكون ممثلاً عن العراق، والأشعري خبيث دنس كان حقوداً على الإمام، ومن ألدّ أعدائه وخصومه، وفي نفس الوقت لم يملك وعياً ولا فهماً للأحداث، وكان بليداً ومنافقاً، واتّخذه المنافقون والمتمردون في جيش الإمام جسراً فعبروا عليه لنيل مقاصدهم الخبيثة لعزل الإمام عن الحكم عن الحكم، وتثبيت معاوية في مركزه.
ولم يستطع الإمام إيقاف هذا المدّ التآمري في جيشه، فقد أصبح قادة جيشه يتلقّون الأوامر والتوجيهات من قبل معاوية ووزيره ابن العاص، وصار الإمام بمعزل تام عن الحياة السياسية، فقد أصبح يأمر جيشه فلا يطيع، ويدعوه فلا يستجيب له، وصارت دفّة الحكم كلّها بيد معاوية.
لقد حكم الأشعري بعزل الإمام، وحكم ابن العاص بإبقاء معاوية، وبذلك فقد انتهت مهزلة التحكيم إلى عزل الإمام عن منصب الحكم، وتقليده لمعاوية وانطوت بذلك أقدس حكومة إسلامية ظهرت في الشرق كان يرجى منها أن تقوم ببسط العدل السياسي والعدل الاجتماعي بين الناس، فلم تدعها هذه الوحوش الكاسرة من ذئاب الأمويين، وسائر القبائل القرشية من تحقيق أهدافها ومثلها العليا.
لقد شاهد أبو الفضل العبّاسعليهالسلام وهو في دور الشباب فصول هذه المأساة الكبرى فكوت قلبه، وهزّت عواطفه، فقد جرت لأهل بيته المصائب، وأخلدت لهم المحن والخطوب.
ومن بين المحن الشاقة التي امتحن بها الإمام امتحاناً عسيراً هي ثورة الخوارج فقد كان معظمهم من بهائم البشر، فقد امتطاهم معاوية، وجعلهم جسراً لنيل أطماعه وأهدافه من حيث لا يشعرون، فهم الذين أرغموا الإمام