وعسكروا في النهروان، واجتاز عليهم الصحابي الجليل عبد الله بن خباب ابن الأرت، وهو من أعلام أصحاب الإمام فدارت بينه وبينهم أحاديث، فعمدوا إليه فقتلوه، وقتلوا معه السيّدة زوجته، ولم يقف شرّهم عند هذا الحدّ، وانّما أخذوا يذيعون الذعر والخوف بين المسلمين.
وبعث الإمام إليهم الحارث بن مرة العبدي ليسألهم عما أحدثوه من الفساد، فلما انتهى إليهم اجهزوا عليه وقتلوه، ورأى الإمام بعد هذا أنّهم يشكّلون خطراً كبيراً على دولته، وانّهم مصدر فتنة وتخريب بين المسلمين، وان الواجب يقضي بحربهم فزحف إليهم بجيشه، ودارت بينه وبينهم معركة رهيبة، فقتلوا عن آخرهم ولم يفلت منهم إلاّ تسعة(١) وانتهت بذلك حرب النهروان وقد شاهد أبو الفضل العبّاسعليهالسلام هذه الحرب ووقف على دوافعها التي كان منها كراهة هؤلاء القوم لعدل الإمام، وتفانيه في إقامة الحقّ بين الناس.
ومن الجدير بالذكر أن أبا الفضل العباسعليهالسلام لم يشترك في حرب النهروان ولا في حرب صفين، فقد منعه الإمام كما منع بعض أبنائه، واعلام أصحابه من الدخول في الحرب ضنّاً بهم على الموت، ومما يدل على ذلك أن الذين كتبوا عن واقعة صفين والنهروان لم يذكروا أيّ دور لسيّدنا العباس فيهما.
وأعقبت حرب الجمل، وحرب صفّين أسوأ الأحداث وأقساها
__________________
(١) حياة الامام الحسن ١: ٣٥٨ الطبعة الثالثة.