واحدة عن ذكر الله، وقراءة كتابه، وقد حفّ به أبناؤه وهم يذرفون أحرّ الدموع قد مزّق المصاب قلوبهم، وقد استقبل القبلة حامداً لله حتى ارتفعت روحه العظيمة إلى بارئها تحفّها ملائكة الرحمن، وأرواح الأنبياء والأوصياء وقد ازدهرت به جنان الخلد.
لقد توفّي عملاق الفكر الإنساني، ورائد العدالة الاجتماعية في الأرض، لقد عاش هذا الامام العظيم غريباً في مجتمع لم يعرف مكانته، ولم يع قيمه وأهدافه التي كان منها أن ينفي البؤس والشقاء من الأرض، وينفي الحاجة والحرمان عن بني الإنسان، فيوزع عليهم خيرات الله، فثارت في وجهه العصابة المجرمة من الرأسمالية القرشية، وأوغاد الأمويين الذين اتخذوا مال الله دولاً، وعباد الله خولاً، وقد صمد الإمام في وجوههم، ولم ينثن عن عزمه الجبّار حتى استشهد مناضلاً عن قيمه وأهدافه.
وانبرى الإمام الحسنعليهالسلام ، ومعه السادة الكرام من إخوانه ومن بينهم أبو الفضل العبّاسعليهالسلام إلى تجهيز الجثمان العظيم، فغسّلوا الجسد الطاهر، ثم أدرجوه في أكفانه، وهم يذرفون أحرّ الدموع وبعد ذلك حملوه إلى مقرّه الأخير، فدفنوه في مرقده المطّهر في النجف الأشرف، وقد أعزّه الله، ورفع من شأنه فجعله كعبةً للوافدين، ولم يحظ مرقد من مراقد أولياء الله كما حظي مرقده الشريف فقد أحيط بهالة من التعظيم والتقديس عند كافة المسلمين.
لقد شاهد سيّدنا أبو الفضل العباسعليهالسلام خلافة أبيه، وما رافقها من الأحداث الجسام، وما قاساه أبوه من المصاعب والمشاكل في سبيل تطبيق