أول يومه، لكنه لما شعر بأزوف الأجل وفوات الغاية المذكورة أبدى ما أجنته أضالعه(١) فأوصى بالنبي صلى الله علية وآله وسلم بوصيته الخالدة.
أخرج ابن سعد في الطبقات الكبرى(٢) : أن أبا طالب حضرته الوفاة دعا بني عبد المطلب فقال: لن تزالوا بخير ما سمعتم من محمد، وما اتبعتم أمره، فاتبعوه وعينوه ترشدوا.
وفي لفظ: يا معشر بني هاشم أطيعوا محمداً وصدقوه تفلحوا وترشدوا.
وتوجد هذه الوصية(٣) في تذكرة السبط (ص ٥)، الخصائص الكبرى (١ / ٨٧)، السيرة الحلبية (١ / ٣٧٢، ٣٧٥)، سيرة زيني دحلان هامش الحلبية (١ / ٩٢، ٢٩٣)، أسنى المطالب (ص ١٠). و رأى البرزنجي هذا الحديث دليلاً على إيمان أبي طالب ونعما هو، قال: قلت: جدا أن يعرف أن الرشاد في اتباعه ويأمر غيره بذلك ثم يتركه هو.
قال الأميني: ليس في العقل السليم مساغ للقول بأن هذه المواقف كلها لم تنبعث عن خضوع أبي طالب للدين الحنيف وتصديقه للصادع به صلى الله عليه وآله وسلم، وإلا فماذا الذي كان يجدوه إلى مخاشنة قريش ومقاساة الأذى منهم وتعكير الصفو من حياته لا سيما أيام كان هو والصفوة من فئته في الشعب، فلا حياة هنيئة، ولا عيش رغداً، ولا أمن يطمأن به، ولا خطر مدروءاً، يتحمل الجفاء والقطيعة والقسوة المؤلمة من قومه، فماذا
____________
(١) أجنه: أخفاء وستره.
(٢) الطبقات الكبرى: ١ / ١٢٣.
(٣) تذكرة الخواص: ص ٨، الخصائص الكبرى: ١ / ١٤٧، السيرة الحلبية: ١ / ٣٥٢، السيرة النبوية: ١ / ٤٥ و ١٤٠، أسنى المطالب: ص ١٧.