تنتصر الفتنة، فتأتي بحكم غير عادل، لا يرى في الأمّة إلاّ موضوعاً لتسلّطه ومصدراً للمال.
وهي غير أخلاقيّة؛ لأنّ قادتها يتّبعون في سياسة الناس منطق الغريزة، لا منطق القانون والعدالة.
* ومن هنا وهناك فلا بدّ أنْ يكون لها ضحايا كثيرة:
- ومِن ضحاياها خصومُها السّياسيون الذين حاربوها في الماضي، وغلبوا على أمرهم في النّهاية.
- ومِن ضحاياها خلفاؤها الّذين ساندوها في أيّام ضعفها، واسْتَغْنَتْ عنهم في أيّام قوّتها.
- ومِن ضحاياها الغافلون عن شرورها وأخطارها، الّذين كانوا محايدين في المعركة الدّائرة بينها وبين أهل الحقّ، ثمّ دُهشوا عند انتصارها، فاحتجّوا أو أظهروا معارضتهم لها.
- وأكبر ضحاياها الأمّة كلّها حين تحوّلها الفتنة المنتصِرة إلى موضوع للتّسلط، ومصدر لصنع الثّروات، وتوفير أسباب التّرف واللّهو لنخبتها، وجهازها القمعي، وحلفائها.
وهكذا تبدأ معاناة الأمّة من الفتنة، من ظلمها وتسلّطها، من عدوانها الّذي ينتشر كالوباء فيصيب كلّ فئة من المجتمع المغلوب على أمره بشتّى ألوانه: (العدوان الأخلاقي، والعدوان السّياسي، والعدوان الاقتصادي).
وقد صوّر الإمام عليّ وجوهاً من معاناة الأمّة وعذاباتها بعد انتصار الفتنة، في لوحات معبّرة تكاد تنطق بالحركة الحَيّة.