كلمة المؤسّسة
والحمد للّه ربّ العالمين، والصلاة والسلام على خير خلقه أجمعين، محمّد وآله الطيِّبين الطاهرين، واللعنة على أعدائهم أجمعين، إِلى قيام يوم الدين..
وبعد ..
فإنّه إِذا كان الهدف من دراسة التاريخ هو مجرّد اجترار الأحداث، أو لتكون محض ترف فكري، ونشوة خاوية فإنّ قصارى جهد دراسة كهذه سيكون: هو أنْ يتمطى الفكر في قيوده وأغلاله في بسمة حلم عارضة ثمّ لا يلبث أنْ يعود ليَدفن نفسه تحت ركام من الأحلام في مطاوي الفراغ، والخنوع ثمّ النسيان..
وإنّما تصبح دراسة التاريخ، وفلسفته، وآثاره، ذات قيمة، وفاعليّة، وجدوى.. حينما يُراد لها أنْ تتحوّل، لتكون عبء مسؤوليّة، وبداية حركة، ونبضات حياة..
وبديهي.. أنّه من أجل أنْ تكون كذلك لا بدّ من أنْ تصبح قادرة على أنْ تعكس الواقع التاريخي كما هو، ومِن دون أي زيادة أو نقصان.. وكذلك من دون أي تزوير أو تحرير..
ومعنى ذلك: هو أنّ على هذه الدراسة لكي تكون على مستوى من الدقّة والأمانة.. أنْ تتحرّى أسلوب المحاكمة النزيهة والموضوعيّة للأحداث والوقائع، أو فقل لِمَا يدّعى أنّه منها وأنْ تعتمد الأصوليّة العلميّة الصحيحة في بحوثها، وكذلك في مجال التحليل، والاستنتاج، والتقييم..
وإِذا كنا نعلم: أنّ أَوْثَقَ مَنْ يمكن الاعتماد عليهم في إِعطاء صورة واقعيّة وواضحة عن أيّ حدث كان، وعن علله وأسبابه.. هم أولئك الذين عاصروه وعايشوه، وعاينوه عن قرب ..