٣
الفرق بين الفِرَق
تأليف أبي منصور عبد القاهر بن طاهر البغداديّ
المتوفّى ٤٢٩ في ٣٥٥ صفحة
لم يترك هذا المؤلِّف في قوس إفكه منزعاً لم يرمِ به الشيعة، إنَّما قحمه في هذه المهلكة حسبانه في ص ٣٠٩ أنَّه لم يكن في الروافض قطُّ إمامٌ في الفقه، ولا إمامٌ في رواية الحديث، ولا إمامٌ في اللغة والنحو، ولا موثوقٌ به في نقل المغازي والسير والتواريخ، ولا إمامٌ في التأويل والتفسير، وإنَّما كان أئمَّة هذه العلوم على الخصوص والعموم أهل السنَّة والجماعة.
وحمد الله على ذلك. وكأنَّ هذه المزعمة عنه كانت عامَّة حتّى للأجيال القادمة نظراً إلى الغيب من وراء ستر رقيق، وبذلك أمن أن يكون من بعده من يكشف عورته ويطعن في أمانته في العزو، أو إنَّ كتب الشيعة وعلمائها المضادَّة لهاتيك النسب تكذِّبه بأنفسها.
وإن تعجب فعجبٌ أنَّه كان نصب عيني الرجل في بيئته (بغداد) رجالات من الشيعة لا يطعن في إمامتهم في كلّ ما ذكره من العناوين وكانت بيدهم أزمّة الزعامة كشيخ الأُمَّة ومعلّمها محمد بن محمد بن النعمان المفيد. وعلم الهدى سيّدنا المرتضى. والشريف الرضي. وأبي الحسين النجاشي. والشيخ أبي الفتح الكراجكي. والشريف أبي يعلى. وسلّار الديلمي. ونظرائهم فهو إمّا أنَّه لم يحسَّ بهم لخلل في حسِّه المشترك، أو إنَّه مندفعٌ إلى الإنكار بدافع الحنق، وأيّاماً كان فنحن لا نبالي بما هو فيه، وكلُّ قصدنا تنبيه القارئ إلى خطَّة الرجل حتّى لا يغترّ بماله من صخب وتركاض.
ولعلّك تعرف شيئاً ممّا حوته صفحات هذا الكتاب المزوَّر من الكذب والزور والبهت والتدجيل والتمويه عندما تقف على كلماتنا حول ما يضاهيه من الكتب المزوَّرة.
( وَلَئِنِ اتّبَعْتَ أَهْوَآءَهُم بَعْدَ مَا جَآءَكَ مِنَ الْعِلْمِ
مَالَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيّ وَلاَ وَاقٍ )
سورة الرعد ٣٧