لم يشتهر به، هذا ما طفحت به المعاجم(١) في تحليل هذا اللقب على الخلاف الّذي أوعزنا إليه في الإشارة، لكن الرجل بارع في جميع ما ذكر من العلوم ولعلّه هو المنشأ للإختلاف في التحليل.
إنَّ المترجَم قدوةٌ في الأدب وأسوةٌ في الشعر، حتّى انَّ الرفاء السري الشاعر المفلق على تقدُّمه في فنون الشعر والأدب كان مغرى بنسخ ديوانه، وكان في طريقه يذهب، وعلى قالبه يضرب(٢) ولشهرته بهذا الجانب قال بعضهم:
يا بؤس من يمنى بدمع ساجم | يهمى على حجب الفؤاد الواجمِ(٣) | |
لولا تعلّله(٤) بكأس مُدامة | ورسائل الصّابي وشعر كشاجمِ(٥) |
دوَّن شعره أبو بكر محمَّد بن عبد الله الحمدوني، ثمَّ ألحق به زيادات أخذها من أبي الفرج إبن كشاجم.
وشعره كما تطفح عنه شواهد تضلّعه في اللغة والحديث، وبراعته في فنون الأدب والكتاب والقريض، كذلك يقيم له وزناً في الغرائز الكريمة النفسيَّة، ويمثِّله بملكاته الفاضلة كقوله:
شهرت نداي مناصبٌ لي | في ذرى كسرى صريحهْ | |
وسجيَّةٌ لي في المكا | رم إنَّني فيها شحيحهْ | |
متحيِّزاً فيها معلّى المجـ | ـد مجتنباً منيحهْ | |
ولقد سننت فيها من الكتا | بة للورى طرقاً فسيحهْ | |
وفضضت من عذر المعا | ني الغرِّ في اللغة الفصيحهْ | |
وشفعت مأثور الروا | ية بالبديع من القريحهْ | |
و وصلت ذاك بهمَّةٍ | في المجد سائبةٍ طموحهْ |
____________________
١ - راجع شذرات الذهب ج ٣ ص ٣٧، والشيعة وفنون الاسلام ص ١٠٨.
٢ - تاريخ إبن خلكان ج ١ ص ٢١٨.
٣ - يمنى:يبتلى ويصاب. يهمى:يسيل. الواجم:العبوس من شدة الحزن.
٤ - علل فلاناً بكذا:شغله. أو:لهاه به.
٥ - معجم الادباء ج ١ ص ٣٢٦.