وفقاً للأبحاث التي قام بها بعض علماء النفس، فإنّ الطلاّب - في معظم الحالات - يتأثّرون بعمل المعلّم لا بكلامه.
بكلمة بديلة: لو تحدّث المعلّم عن الروح العلمية أو الحكم المنطقي، بيد أنّه - عمليّاً - لم يراعِ الروح العلمية عند إبداء وجهات نظره، فإنّ الطلاّب يتأثّرون بكيفية إبداء وجهات نظره أكثر من كلامه. ومن الناحية التربوية، فإنّ عمل المعلّم أكثر تأثيراً من كلامه في عملية التعليم.
وفي علم النفس، ينظرون إلى التعلّم على أنّه تغيير السلوك عن طريق التجربة.
فلو تعلّم أحد علماً، نتيجته فقط إيداع المواضيع العلمية في الذهن وحفظها، فهو لم يتعلّم ذلك العلم حقيقة. وعندما يقال بأنّ سلوك الإنسان يجب أن يتغيّر في التعليم، فالقصد من هذا التغيير هو تغيير طريقة تفكيره، وعاداته، ورغباته، ومهاراته، وفهمه للمسائل، كل ذلك مقرون مع تحصيل المعلومات.
إنّ دراسة مبحث علمي ما، تكون لها قيمتها عندما يُحدِث الفرد تغييرات أساسية في سلوكه على أثرها، فتعلّم الفيزياء غير محدود بحفظ الطالب عدداً من النظريّات التي تصعّد من مستواه العلمي، فهو يجب أن يقوم بتشخيص المسائل العلمية الأساسية ضمن تحليله للنظريات، ويتعلّم كيفية توضيح المسائل، وطريقة جمع الأدلّة عن طريق المشاهدة والتجربة، وكذلك عن طريق دراسة نظريات العلماء، واستعمال قدرته الفكرية، ويتعلّم كذلك كيفية تسجيل الفرضيات أو النظريات، وكيفية تدقيقها وتقويمها أو كيفية اختيار أفضلها، فلابدّ أن يكون الطالب فاعلاً نشيطاً في هذه العملية. ففي مثل هذه الحالة، لا يتعلّم الفرضيات العلمية فحسب، بل ويتعلّم كيفية استعمال المنهج العلمي، ويربّي في نفسه الروح العلمية أو التفكّر المنطقي خلال عملية التحقيق، ويتعلم العادات العلمية ومهارات الاستدلال الأساسية، فتصبح عنده رغبة في الفرع الذي هو موضع اهتمامه.
ويستعمل الطالب أيضاً المنهج العلمي تدريجاً عند مواجهته مسائل غير علمية، ويمتنع