كانت علامات السجود ظاهرة على جباههم، ولهم لهجة عجيبة، وكانوا يتلون القرآن كثيراً، ويقيمون الليل بالعبادة، بيد أنّهم كانوا جُهلاء، سفهاء العقول، وينظرون إلى الإسلام بتزمّت وجمود.
كان الإمام عليعليهالسلام يفتخر بمبارزته معهم، ويعتبرها من الأعمال المهمّة الفريدة، حيث قال: (إنّي فقأت عين الفتنة، ولم يكن ليجترئَ عليها أحدٌ غيري...).
تحدثنا - فيما سبق - عن التقوى المنبثقة عن أُسلوب التفكّر التوحيدي. وهنا نذكر خاصيّتين من الخصائص الجوهرية التي تُميِّز شخصيّة أئمّة الإسلام عن غيرهم:
الأُولى: شموليّة شخصيّتهم، فهم النموذج البارز للرسالة الإسلامية، والممثّل الحقيقي لها.
وكما يتحدّث الإسلام حول معرفة الله، والتقوى، والحكمة والعلم، والإيثار، والمساواة، والأُخوّة، وأمثال ذلك، فإنّ أئمّة الإسلام أيضاً - سواء كانوا في مقام التوجيه والإرشاد أو في مقام العمل - يمثّلون الأبعاد المتنوّعة للاسلام في سلوكهم.
الثانية: وحدة شخصيّتهم، نلاحظ أنّ الأئمّة المعصومين يتميّزون بشخصية واحدة، سواء كانوا في المسجد، أو البيت، أو في ساحة القتال، أو في المناظرات العلمية، وغير ذلك، فالمبادئ الأساسية هي التي تطبع سلوكهم في جميع الحالات.
وعندما نلقي نظرة قصيرة على وصيّة الإمام عليعليهالسلام للإمام الحسنعليهالسلام تتّضح لنا هاتان الخاصيّتان بجلاء. وقد جاء في كتاب (قصص الأبرار)، أنّ هذه الوصيّة هي آخر وصيّة للإمام، حيث قالها وهو طريح الفراش، بسبب سيف ابن ملجم.
ونلتقي في مثل هذا الظرف بوجه عليّعليهالسلام المتألّق، إذ فكّر في الأبعاد المتنوّعة لرسالة الإسلام، حيث كان الإسلام شغله الشاغل، وفي الوقت ذاته، ودون أن يُبالي بدنوّ أجله، فإنّه يكشف لنا عن وحدة شخصيّته وشموليّتها، ضمن توجيهه وإرشاده الآخرين.
ذُكرت هذه الوصيّة