تمتاز التربية الإلهيّة بميزة الكمال المطلق. وبالموازنة بين التربية الإلهيّة، وضروب التربية العاديّة، تظهر لنا بعض الحقائق: الأُولى: لا تتمتّع ضروب التربية العاديّة بالشموليّة المطلوبة. بكلمة بديلة، إنّ التربية العادية أو النظم التربوية العلمانية مبتورة - غالباً - حيث تعالج بعداً واحداً، أو عدداً من الأبعاد في شخصيّة الإنسان، في حين أنّ التربية الإلهية، تربية شاملة تُعنى بجميع جوانب الشخصيّة الإنسانية. على سبيل المثال: في التربية الإلهيّة، يغطّي العمل التربوي البُعد المعنوي أو الإيماني بمعيّة الأبعاد العقلية، والاجتماعية، والعاطفيّة، والأخلاقيّة.
بعامّة، بعض المدارس التربويّة العلمانية تهتم بالجانب الفردي فقط، وبعضها يُعنى بالجانب الاجتماعي دون غيره، ولكن في نطاق محدود، أو في قالب خاص. وثمّة مدارس تقصر اهتمامها على تربية الجانب العاطفي، وأُخرى تركِّز على الجانب العقلي. الثانية: تهمل النُظُم التربوية العادية - غالباً - البعد المعنوي.
يمكن التركيز على الكمال من ناحية أُخرى، وهي أنّ التعاليم الدينيّة لا تتأثّر بالعامل الزماني، أو المكاني، أو الاجتماعي، وبعامّة، لا تتأثّر بعامل واحد أو عدد من العوامل، ولا يمكن أن نتصوّر وجود أيّ نوع من التقييد يطبعها، كل ذلك يعود إلى انبثاقها عن السماء. أمّا التعاليم التربوية التي تطبع المدارس العلمانية، فهي محدودة - غالباً - وتسير في اتّجاه واحد او اتّجاهين خاصّين.
تنسجم التربية الإلهية مع طبيعة الإنسان وحاجاته، نموّه وتطوّره. وكما ذكرنا - فيما مضى - فإنّ التربية الإلهيّة تعالج الجانبين: الفردي، والاجتماعي، في شخصية الإنسان. كما تعالج البعد المادّي بمقدار الحاجة والضرورة، مثلما تعالج البعد المعنوي الذي يشع على جميع شؤون حياة الإنسان. فالتعاليم الإلهيّة تُلبِّي الحاجات المعنوية