8%

للإنسان، ولا تغفل عن حاجاته الاجتماعية والعقلية. وتثير مشاعره وعواطفه، وفي الآن ذاته، تعمل على إشباع غريزة حب الاستطلاع، والبحث عن الحقيقة فيه. إنّ النظم التربوية العادية، مع أنّها تواكب أهدافاً موسّعة، بيد أنّها تؤمن بنوع من التقييد في طريق كمال الإنسان ورُقِيِّه. أمّا التربية الإلهيّة فإنّها تُعَبِّد الطريق أمام نموّ الإنسان، وتطوّره الدائم اللاّمحدود، ولذلك فهي تُلبّي حاجات الإنسان الذي ينزع نحو الرُقِي والكمال فطريّاً.

خلود الحياة البشرية

إنّ المدارس العلمانية الماديّة تحدِّد حياة الإنسان في المسافة الواقعة بين الإخصاب والموت. ووفقاً لما تعتقده هذه المدارس، فإنّ الإنسان يولد من بطن أُمّه في ظروف خاصّة، وينمو في بعض المجالات طاوياً مراحل من الحياة، تؤول إلى مرحلة الشيخوخة، وهي المحطّة الأخيرة التي تنتهي عند مَوته. هذه النظرة لا تنسجم مع ما يُلاحَظ في حياة الإنسان.

إنّ الحياة المؤقّتة لا تتلاءم مع الجانب العقلي، وجانب الطموح نحو الكمال في الإنسان، وكذلك فهي لا تتماشى مع أهدافه الأخلاقية والمعنوية بالنسبة إلى الآخرين، وإلى خالق الكون.

مضافاً إلى ذلك، فإنّ اعتبار حياة الإنسان مؤقّتة، يُقلِّص من حافز السعي لديه، ويصوّر الحياة عبثاً في منظاره، ويجعله يعيش في تخبُّط وضياع، مع شعور بالقلق والتزعزع.

أمّا الاتّصال بعالم الغيب، والاعتقاد بأنّ وجودنا من الله، وأنّنا كادحون إليه فملاقوه، فهذا يهب حياة الإنسان هويّة سرمدية خالدة. وفي ظلّ هذا التوجّه، يصبح للحياة معناها، ويحفِّز الإنسان نحو السعي والجد، وتصطبغ العلاقات مع الآخرين بصبغة خاصّة، ويتقدّم الإنسان خطوة على طريق الكمال.