والتفكّر في خلق العالم من جانب، ووهبه قوّة التعقّل والتفكّر من جانب آخر؛ ليميِّز بها الطريق السويّ، من الطريق المتعرِّج، وفي طيّات ذلك تركه حرّاً، مختاراً لانتخاب طريقه. وهذا يكشف لنا عن حقيقةٍ هي أنّ الدين الإلهي لا يفرض على الإنسان فرضاً بالقوّة. وعندما يكون رد فعل الإنسان - في موقفه من نظام اعتقاديّ ما - مرتكزاً على التعقّل والتفكّر، ويستطيع ذلك الإنسان تمييز صحّة أُسسه ومصداقيّتها، وفي نفس الوقت، يُترك حرّاً لانتخاب طريقه، حينئذٍ لا يعتبر قبول الدين أمراً قسريّاً إلزاميّاً.
قال تعالى:( لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ.. ) . عندما نعقد مقارنة بين الإسلام وسائر الإيديولوجيّات والنُظُم، نجده يتفوّق عليها بوجود جانب الهداية والإرشاد فيه، في حين تقوم تلك الإيديولوجيّات والنظم بفرض تعاليمها ومبادئها على الناس كالمعتاد.
وتبيّن الآيات التالية جانب الهداية في القرآن بكل وضوح، فتقول:
( الم * ذلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتّقِينَ * الّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصّلاةَ وَمِمّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولئِكَ عَلَى هُدىً مِنْ رَبّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (البقرة: 1 - 5).
فأُشير في هذه الآية - كما جاء في تفسير الميزان - إلى أُصول الدين الثلاثة، وهي: التوحيد، والنبوّة، والمعاد.
يحظى مفهوم الهداية في التربية والتعليم بقيمة متميّزة. وينظر كثير من المختصّين في حقل التربية والتعليم إلى الهداية، والتربية والتعليم على أنّهما مترادفان. بكلمة بديلة، يعتبرون عملية التربية والتعليم هي نفسها هداية الفرد أو المجتمع، ويرى بعض المربّين أنّ الهداية هي الرسالة الأصلية للتربية والتعليم.