يقع الإنسان - إلى حدٍّ بعيد - تحت تأثير الجانب العقلي من شخصيّته بصفته كائناً يمكنه أن يكون واعياً لسلوكه، وكذلك باعتباره يتمتّع بقوّة التفكير، بكلمة بديلة، يقع الجانبان: الاجتماعي والعاطفي - إلى حدٍّ بعيد - تحت تأثير الجانب العقلي. إنّ أفراد النوع الإنساني - كما سنرى - يستعملون قوّة إدراك الذات للتعبير عن مشاعرهم وعواطفهم، ومسك زمام تلك المشاعر والعواطف، كما إنّهم يخضعون لتأثير القوّة العاقلة. ويتيسّر كسب المهارات الاجتماعية أيضاً بالإفادة من القوّة العاقلة، وفي ضوء ما تقدّم، فإنّ الجانب العقلي لشخصيّة الإنسان يحظى باهتمام خاص.
جاء في وصيّة نبيّنا الأعظمصلىاللهعليهوآله للإمام عليعليهالسلام ، ما نصّه:
«يا علي، إنّه لا فقرَ أشدُّ من الجهل، ولا مالَ أعودُ من العقل، ولا وحدةَ أوحشُ من العُجْب، ولا مُظاهرةَ أحسنُ من المشاورة، ولا عقلَ كالتدبير، ولا حَسبَ كحُسْنِ الخُلق، ولا عبادةَ كالتفكّر»، (تحف العقول، 7).
إنّ جميع ما جاء في هذا الكلام مهم من الناحية التربويّة، وما يُلحظ فيه هو أنه اعتبر الجهل أشد ضروب الفقر، ولا غرو فإنّ إحدى خصائص الإسلام تأكيده الشديد على طلب العلم. وهذا الدين العظيم يتفوّق على سائر النُظُم الفكرية بتركيزه على العقل، وإصراره على العمل بتعقّل واتّزان. وإنّ التأكيد على المشاورة والتفكير يبيّنان أهميّة الجانب العقلي في المدرسة الإسلامية، وسنتحدّث لاحقاً حول التفكير في الإسلام.
جاء في الصفحة السادسة والأربعين من كتاب (تحف العقول) حول خصائص المؤمن ضمن الكلام النبوي الحِكَمي مايلي:
«العلم خدين المؤمن، والحلمُ وزيره، والعقلُ دليله، والصبر أميرُ جنوده،