يجب على المرء أن يبادر إلى انتخاب أفضل الحلول المطروحة، والحل الأفضل هنا يعني الحل الأكثر تناسباً أو انسجاماً مع إمكانيات الفرد أو الجماعة. ففي الحقل العلمي،يُعتبر الحل الذي يتناسب أكثر مع المعلومات أو الأدلّة والوثائق المتوفّرة هو أفضل الحلول.
إنّ الإنسان العاقل هو الذي يأخذ في حسابه امكانياته أكثر فأكثر عند تعامله مع مختلف المشاكل، ويختار الحل المنسجم مع تلك الإمكانيّات. وعندما يظفر الإنسان بحلٍّ على هذا المنوال،فإنّه يفيد منه لعلاج المشاكل أيضاً في حالات مماثلة. لذلك حينما يقال إنّ عليه أن يعمل بتعقّل، أو يتّخذ من العقل دليلاً له في عمله، فربّما يُطلب منه أن يجتاز هذه المراحل.
واجتياز هذه المراحل، ليس ضروريّاً في علاج المشاكل العلمية فحسب، بل ويجب الإفادة منه عند التعامل مع المشاكل الفردية والجماعية أيضاً.
قلنا - فيما مضى - إنّ حالات الخوف، والغضب، والكراهية، والسرور، والحزن، وأمثالها تدخل في دائرة البعد العاطفي من شخصية الإنسان، وهذا البعد له أهميته لأسباب، منها: أوّلاً: إنّه بُعدٌ معقّد جدّاً لِما لَهُ من أرضيةٍ فسيولوجية، وصلة حميمة مع الأرضية العقلية والاجتماعية. ثانياً: إنّ العواطف تدفع الإنسان نحو الجِدّ والسعي، بوصفها محفّزات قويّة. ثالثاً: إنّ تاريخ الحياة الإنسانية يشهد بأنّ الإنسان يتأثّر بالبعد العاطفي أكثر من البعد العقلي. إنّ عمل االمُربِّي - في صعيد واسع - هو تعليم الإنسان كيفية التعبير عن عواطفه، والتحكّم بها، أمّا مهمّة المثقّفين - في موقفهم من الآراء والعقائد المتنوّعة - فهي: أن يُحرّروا أفكارهم من رِبقة العواطف ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، ويدخلوا في رحاب دراستها من وحي المنطق.