8%

إنّ النقطة المهمّة التي هي مثار البحث هنا، هي العلاقة القائمة بين الدين والعقل، فالدين ركيزة أمينة للعقل، وهو الذي يحدّ من انحرافاته، ويوجّهه في طريق خير المجتمع وصلاحه. ولعلّ هناك من يقول بأنّ العقل لا يسخَّر دائماً في طريق الخير والصلاح. وبالرغم من أنّ تصوّر هذا الأمر - بعامّة - شيء عسير، بيد أنّ طبيعة العقل والإيمان تدفعه وترفضه. بكلمة بديلة، إنّ العاقل المؤمن يسير قدماً نحو تطوّره وتطوّر مجتمعه بكلّ ثقة واطمئنان.

إنّ أغلب المذاهب والمناهج الاجتماعية تتوكّأ على الجانب العاطفي أو الشعور، وبواسطته تكسب الناس إلى مصافّها. ويخشى رجال هذه المذاهب والمناهج الاجتماعية من بروز الاتّجاه العقلي لدى أتْباعهم، لأنّهم غير واثقين من صمود أُسس مدارسهم وعقائدهم أمام القوّة العقلية أو الدراسة العقلية.

أمّا الإسلام، فمع دعوته إلى العقل وتوكّؤ فكره على التعقّل، فإنّه لا يغفل الجوانب العاطفية. وفي حديثه عن مكافحة الظلم والفساد، ومناداته بالأُخوّة والمساواة، والتعايش السلمي، ودعم المستضعفين، يحرّك الإيمان والقوّة العاطفية، ويوصي بمراعاة العقل والمنطق أيضاً.

الأحكام الإسلامية

تنبثق الأحكام الإسلامية - كما تعلم - من القرآن الكريم والسنّة الشريفة المعصومة. مضافاً إلى ذلك، فإنّ هناك مواضيع متنوّعة لم يرد فيها نص صريح في المصدرين المتقدّمين، لذلك فإنّ الأئمّة المعصومين(*) ونوّابهم من العلماء يستعينون بالعقل أو بقوّة استنباطهم؛ لإصدار حكم معيّن بحقّها. وعندما طلبوا من الإمام عليعليه‌السلام

____________________

(*) هذا العمل مقصور فقط على نواب الأئمّة، وهم العلماء المجتهدون الجامعون للشرائط. أمّا الأئمّة فإنّ قولهم وفعلهم وتقريرهم سنّة كسنّة جدّهم الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله حسب اعتقاد الإمامية.