4%

تريدون أن تنزعوا ملكنا من إيدينا أخرجوا عنّا، أما والله لئن رمتمونا ليمرنَّ عليكم منّا أمرٌ لا يسرّكم ولا تحمدوا غبّ رأيكم، ارجعوا إلى منازلكم، فإنّا والله ما نحن مغلوبين على ما في أيدينا، قال: فرجع النّاس وخرج بعضهم حتّى أتا عليّاً فأخبره الخبر فجاء عليٌّعليه‌السلام مغضباً حتّى دخل على عثمان فقال: أما رضيت من مروان ولا رضي منك إلّا بتحرّفك(١) عن دينك وعن عقلك مثل جَمَل الظعينة يُقاد حيث يسار به؟ والله ما مروان بذي رأي في دينه، ولا نفسه، وأيم الله انِّي لأراه سيوردك ثمَّ لا يصدرك، وما أنا بعائد بعد مقامي هذا لمعاتبتك، أذهبت شرفك، وغُلبت على أمرك.

فلمّا خرج عليٌّ دخلت عليه نائلة ابنة الفرافصة امرأته فقالت: أتكلّم أو أسكت؟ فقال: تكلّمي. فقالت: قد سمعت قول عليّ لك وانَّه ليس يعاودك؟ وقد أطعت مروان يقودك حيت شاء قال: فما أصنع؟ قالت: تتقي الله وحده لا شريك له وتت َّ بع سنَّة صاحبيك من قبلك، فإنَّك متى أطعت مروان قتلك، ومروان ليس له عند الناس قدر ولا هيبة ولا محبّة، وإنّما تركك النّاس لمكان مروان، فأرسل إلى عليّ فاستصلحه فإنَّ له قرابةً منك وهو لا يُعصى.قال: فأرسل عثمان إلى عليّ فأبي أن يأتيه، وقال: قد أعلمته: أنِّي لست بعائد.فبلغ مروان مقالة نائلة فيه فجاء إلى عثمان فجلس بين يديه فقال: أتكلّم أو أسكت؟ فقال: تكلّم. فقال: إنَّ بنت الفرافصة. فقال عثمان: لا تذكرنَّها بحرف فأسوء لك وجهك فهي والله أنصح لي منك. فكفَّ مروان(٢) .

صورة اخرى من التوبة

من طريق أبي عون قال: سمعت عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث يذكر مروان بن الحكم قال: قبَّح الله مروان، خرج عثمان إلى الناس فأعطاهم الرضا وبكى على المنبر وبكى الناس حتى نظرت الى لحية عثمانُ مخضلَّة من الدموع وهو يقول: أللهمَّ إنِّي أتوب اليك، أللهمَّ إنِّي أتوب اليك، أللهمَّ إنِّي أتوب اليك، والله لئن ردَّني الحقّ إلى

____________________

١ - فى لفظ البلاذرى: الا بافساد دينك، وخديعتك عن عقلك. وفى لفظ ابن كثير: الا بتحويلك عن دينك وعقلك، وان مثلك مثل جمل الظعينة سار حيث يسار به.

٢ - الانساب للبلاذرى ٥: ٦٤، ٦٥، تاريخ طبرى ٥: ١١١، الكامل لابن الاثير ٣: ٦٨، تاريخ ابن كثير ٧: ١٧٢، شرح ابن ابى الحديد ١، ١٦٣، ١٦٤، تاريخ ابن خلدون ٢: ٣٩٦، ٣٩٧.