من قومك وذوي رحمك وأهل الإنقطاع إليك دونك بقتال قاتلناهم حتَّى نخلص إليك فنقتلك، أو تلحق أرواحنا بالله.
فقال عثمان: أمّا أن أتبرَّأ من الإمارة فان تصلبوني أحبُّ إليَّ من أن أتبرَّأ من أمر الله عزَّ وجلَّ وخلافته وأمّا قولكم: تقاتلون من قاتل دوني. فإنِّي لا آمر أحداً بقتالكم(١) فمن قاتل دوني فانَّما قتل بغير أمري، ولعمري لو كنت اُريد قتالكم لقد كنت كتبت إلى الأجناد(٢) فقادوا الجنود وبعثوا الرجال أو لحقت ببعض أطرافي بمصر أو عراق، فالله الله في أنفسكم فابقوا عليها إن لم تُبقوا عليَّ: فإنّكم مجتلبون بهذا الأمر إن قتلتموني دماً. قال: ثمَّ انصرفوا عنه وآذنوه بالحرب وأرسل إلى محمَّد بن مسلمة فكلّمه أن يردَّهم فقال: والله لا أكذب الله في سنة مرَّتين. تاريخ الطبري ٥: ١٢٠، ١٢١.
نظرة فى أحاديث الحصارين
أوَّل ما يقع عليه النظر من هذه الأحاديث أنّ المجهزين على عثمان هم المهاجرون والأنصار من الصحابة ولم يشذّ عنهم إلّا أربعة أسلفنا ذكر في صفحة ١٩٥ وهم الذين أصفقوا مع أهل مصر والكوفة والبصرة على مقت الخليفة وقتله بعد أن أعيتهم الحيل وأعوزهم السعي في استتابته، وإكفائه من الأحداث، ونزوعه عمّا هو عليه من الجرائم وإنَّ في المقبلين من تلكم البلاد من عظماء الصحابة، ومن رجال الفضيلة والفقه والتقى من التابعين جماعات لا يستهان بعدَّتهم، ولا يُغمز في دينهم، وهم رؤساء هاتيك الجماهير والمؤلِّبين لهم على عثمان. فمن الكوفيِّين:
١ - زيد الخير، له إدراكٌ أثنى عليه النبيُّ الأعظم، وانَّه من الخيار الأبرار.
٢ - مالك بن الحارث الأشتر، له إدراكٌ، أوقفناك على عظمته وفضله وموقفه من الايمان، ومبلغه من الثقة والصلاح.
٣ - كعب بن عبدة النهدي، وقد سمعت عن البلاذري انَّه كان ناسكاً.
____________________
١ - لم يكن معه هناك غير بنى أبيه حتى يامر أحداً بالقتال وهم ليسوا هناك وقد تحصنوا يوم قتله بكندوج ام حبيبة كما يأتيك حديثه.
٢ - كان يتأهب للقتال، ويستعد بالسلاح، ويكتب الى الاجناد، ويجلب الى المدينة الجنود المجندة من الشام، وغيرها، غير انه كان يغفل الناس بكلماته هذه وسنوافيك كتبه.