بعد ذلك على يد عليّ بن جعفر بن الاسود كما في (رجال النجاشي)، أو على يد أبي جعفر محمّد بن عليّ الاسود كما روي عن شيخنا الصدوق نفسه في (كمال الدين)، وسأله أن يوصل رقعته إلى الصاحب عليه السلام ليدعو له أن يرزقه الله ولدا، وعليه فولادته تكون نحو سنة ٣٠٦ ه، ويكون مقامه مع والده ومع شيخه الكليني في الغيبة الصغرى نيفا وعشرين سنة، لان وفاتهما سنة ٣٢٩ ه وهي السنة التي توفي فيها السمري آخر السفراء.
وكان الشيخ الصدوق رحمه الله يفتخر بولادته ويقول: أنا ولدت بدعوة صاحب الامر عليه السلام(١) ، وكان يقول أيضا: كان أبوجعفر محمّد بن عليّ الاسود رضي الله عنه كثيرا ما يقول - إذا رآني اختلف إلى مجالس شيخنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه، وأرغب في كتب العلم وحفظه -: ليس بعجب أن تكون لك هذه في العلم وأنت ولدت بدعاء الامام عليه السلام(٢) .
وكان أبوعبدالله بن سورة يقول: كلما روى أبوجعفر وأبو عبدالله(٣) ابنا عليّ بن الحسين شيئا يتعجب الناس من حفظهما، ويقولون لهما: هذا الشأن خصوصية لكما بدعوة الامام لكما، وهذا أمر مستفيض في أهل قم(٤) .
نشأ الشيخ الصدوق في بيت علم وتربى في أحضان فضيلة، فقد كان أبوه علي ابن الحسين بن موسى بن بابويه شيخ القميين في عصره ومتقدمهم وفقيههم
______________
(١) رجال النجاشي: ٢٦١/٦٨٤.
(٢) كمال الدين: ٥٠٣/٣١، الغيبة: ٣٢٠/٢٦٦.
(٣) وهو الحسين بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه، أبوعبدالله القمي، أخو الشيخ الصدوق، كان فقيها صالحا ماهرا في الحفظ، توفي سنة ٤١٨ ه، قال النجاشي: ٦٨/١٦٣، ثقة روى عن أبيه إجازة، له كتب، منها: كتاب التوحيد ونفي التشبيه، وكتاب عمله للصاحب أبي القاسم بن عباد.
(٤) الغيبة: ٣٠٩/٢٦١.