37%

السمر

اجتاز الركب سكك المدينة على خيوله المطهمة، تفوح منه رائحة المسلك، وعليهم ثياب صونهم من الحرير اللمّاع، والحبر الموشى، على سرج مزركشة بالذهب الوهاج، قد اعترضوا الرماح على مناسج خيلهم، وكانوا من أجمل العرب صوراً.

* * *

وبعد - لم يكن عجباً إذا افتتن الضعفاء بالوفد النجراني، الذي يتمتع بكل المغريات للنفوس الضعيفة.

وليس عجباً أيضاً إذا كان هذا الوفد حديث أهل المدينة، فقد دخلها وفود كثيرة في السنة العاشرة وقبلها، يقدّمون الطاعة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن ليس فيهم مثل وفد نجران، في معالمه الفاخرة، وزينته اللمّاعة. يقول المحارث بن كعب: (ما رأينا وفداً مثلهم).

* * *

كانت صورة الوفد تمر في نفس أصحاب محمّد صلى الله عليه وآله وسلم جميعاً، ولكنّه مرور عابر في نفوس بعضهم، وهي أهون عليهم من أن تثير شيئاً، فإنّ الرسالة السماوية نهجت لهم الطريق الأمثل. على حين استقرارها