2%

وصفوا، وكان ذلك في أول الليل من ليالي البيض فقلت: ارموهم، فرموا فعادت سهامنا إلينا، فما سقط سهم منها إلا في صاحبه الذي رمي به فقتله، فاستوحشت لذلك وجزعت وأخذتني الحمى والقشعريرة، ورحلت عن القبر لوقتي ووطنت نفسي على أن يقتلني المتوكل لما لم أبلغ في القبر جميع ما تقدم إلي به.

قال أبوبرزة: فقلت له: قد كفيت ما تحذر من المتوكل، قد قتل بارحة الاولى وأعان عليه في قتله المنتصر؟ فقال لي: قد سمعت بذلك وقد نالني في جسمي ما لا ارجو معه البقاء. قال أبوبرزة: كان هذا في أول النهار، فما أمسى الديزج حتّى مات. قال ابن خشيش: قال أبوالفضل: إن المنتصر سمع أباه يشتم فاطمةعليها‌السلام ، فسأل رجلا من الناس عن ذلك، فقال له: قد وجب عليه القتل، إلا أنه من قتل أباه لم يطل له عمر.

قال: ما أبالي إذا أطعت الله بقتله أن لا يطول لي عمر، فقتله وعاش بعده سبعة أشهر.

٦٥٦/١٠٣ - أخبرنا ابن خشيش، عن محمّد بن عبدالله، قال: حدثني عليّ بن عبد المنعم بن هارون الخديجي الكبير من شاطي النيل، قال: حدثني جدي القاسم ابن أحمد بن معمر الاسدي الكوفي، وكان له علم بالسيرة وأيام الناس، قال: بلغ المتوكل جعفر بن المعتصم أن أهل السواد يجتمعون بأرض نينوى لزيارة قبر الحسينعليه‌السلام ، فيصير إلى قبره منهم خلق كثير، فأنفذ قائدا من قواده، وضم إليه كتفا من الجند كثيرا ليشعب(١) قبر الحسينعليه‌السلام ، ويمنع الناس من زيارته والاجتماع إلى قبره.

فخرج القائد إلى الطف، وعمل بما أمر، وذلك في سنة سبع وثلاثين ومائتين، فثار أهل السواد به واجتمعوا عليه وقالوا: لو قتلنا عن آخرنا لما أمسك من بقي منا عن زيارته، ورأوا من الدلائل ما حملهم على ما صنعوا، فكتب بالامر إلى الحضرة، فورد كتاب المتوكل إلى القائد بالكف عنهم والمسير إلى الكوفة مظهرا أن مسيره إليها في

____________________

(١) في نسخة: ليشعث.