شرذمة من أهل مصر والعراق نزلوا بساحته، فدعاهم إلى الحق فلم يجيبوا، فكتب إلي أن أبعث إليه منكم ذوي الرأي والدين والصلاح، لعل الله أن يدفع عنه ظلم الظالمين وعدوان المعتدين. فلم يجيبوه إلى الخروج، ثم إنه نزل.
فقدموا من كل فج حتّى حضروا المدينة، وقيل لعليّعليهالسلام : إن عثمان قد منع الماء، فأمر بالروايا فعكمت(١) ، وجاء للناس عليّعليهالسلام فصاح بهم صيحة فانفرجوا، فدخلت الروايا، فلما رأى عليّعليهالسلام اجتماع الناس ووجوههم، دخل على طلحة بن عبيدالله وهو متكئ على وسائد، فقال: إن هذا الرجل مقتول فامنعوه. فقال: أما والله دون أن تعطي بنو أمية الحق من أنفسها.
١٥١٨/٢ - وباسناده، عن عبدالله بن أبي بكر، قال: حدثني أبوجعفر محمّد ابن عليّعليهماالسلام ، قال: حدثني عبدالرحمن بن أبي عمرة الانصاري، قال: سماني رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم عبد الرحمن. قال: لما بلغ علياعليهالسلام مسير طلحة والزبير خطب الناس، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم ثم قال:
أما بعد، فقد بلغني مسير هذين الرجلين، واستخفافهما حبيس رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ، واستفزازهما أبناء الطلقاء، وتلبيسهما على الناس بدم عثمان، وهما ألبا عليه، وفعلا به الافاعيل، وخرجا ليضربا الناس بعضهم ببعض، اللهم فاكف المسلمين مؤنتهما، واجزهما الجوازي، وحض الناس على الخروج في طلبهما، فقام إليه أبومسعود عقبة بن عمرو، وقال: يا أميرالمؤمنين، إن الذي يفوتك من الصلاة في مسجد رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومجلسك فيما بين قبره ومنبره، أعظم مما ترجو من الشام والعراق، فإن كنت إنما تسير لحرب فقد أقام عمر وكفاه سعد زحف القادسية، وكفاه حذيفة بن اليمان زحف نهاوند، وكفاه أبوموسى زحف تستر، وكفاه خالد بن الوليد زحف الشام، فإن كنت سائرا فخلف عندنا شقة منك نرعاه فيك ونذكرك به.
ثم قال أبومسعود:
____________________
(١) عكم الشئ: شده.