3%

* بعيد جدا (وأما العقل) فانه قد استقل بقبح العقوبة والمؤاخذة على مخالفة التكليف المجهول بعد الفحص واليأس عن الظفر بما كان حجة عليه فانهما بدونها عقاب بلا بيان ومؤاخذة بلا برهان وهما قبيحان بشهادة الوجدان. ولا يخفى انه مع استقلاله بذلك لا احتمال لضرر العقوبة في مخالفته فلا يكون مجال ها هنا لقاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل كي يتوهم أنها تكون بيانا كما انه مع احتماله

______________________________

ولذا اشتهر أن الاصل المثبت ليس بحجة، فاصالة العدم وان كانت تثبت الاباحة في اكثر الموارد لكنها لا تصلح لاثباتها في الفرض المذكور بتوسط الملازمة بين الموارد بالاباحة. هذا ولكن لا يخفى أن أصالة العدم في المقام لا تثبت الاباحة وانما تثبت موضوع الاباحة والاباحة إنما تستفاد من الدليل وهو الحديث المذكور فالاولى أن يقال: إن عدم الفصل انما ينفع في اثبات الاباحة لو كان بين ما لم يرد فيه نهي وما لم يعلم ورود النهي فيه لا ما لو كان بين أفراد مجهول الحكم فان عدم الفصل في الثاني انما يجدي لو قام دليل على الاباحة في بعض أفراد مجهول الحكم والمفروض عدمه، وانما الدليل قام على الاباحة فيما لم يرد فيه نهي فلابد من اثبات عدم الفصل بينه وبين مجهول الحكم. فلاحظ وتأمل، ولعله إلى هذا أشار بقوله: فافهم (قوله: بعيد جدا) يعني ومع بعد صدق الناقل لا يجوز الاعتماد على النقل (قوله: بما كان) متعلق بالظفر (قوله: فانهما بدونها) ضمير التثنية راجع إلى العقوبة والمؤاخذة وضمير المؤنث راجع إلى الحجة، (قوله: ولا يخفى انه مع استقلاله) يعني أنه حيث استقل العقل بقبح المؤاخذة كانت المؤاخذة معلومة العدم لامتناع صدور القبيح منه تعالى، ومع العلم بعدم المؤاخذة لا مجال لتطبيق قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل لان تطبيقها يتوقف على احتمال لضرر والمفروض حصول العلم بعدمه فقاعدة قبح العقاب بلا بيان واردة على قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل رافعة لموضوعها تكوينا حقيقة. ومن هذا يظهر لك اندفاع ما يتوهم من كون قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل واردة