شبهات وردود
فيما يلي نعرض بعض الشبهات التي روّجها البعض متشبثاً بها للدلالة على وقوع التحريف، وسنبيّن وجوه اندفاعها:
الأولى: أنّه كان لأمير المؤمنين عليّعليهالسلام مصحف غير المصحف الموجود، وقد أتى به إلى القوم فلم يقبلوا منه، وكان مصحفه مشتملاً على أبعاض ليست موجودة في القرآن الذي بين أيدينا، ممّا يترتّب عليه أنّ المصحف الموجود ناقصٌ بالمقارنة مع مصحف أمير المؤمنينعليهالسلام ، وهذا هو التحريف الذي وقع الكلام فيه.
نقول: نعم، تفيد طائفةٌ من أحاديث الشيعة وأهل السنة أنّ علياًعليهالسلام اعتزل الناس بعد وفاة رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ليجمع القرآن العظيم، وفي بعض الروايات: أنّ عمله ذاك كان بأمر الرسول الأكرمصلىاللهعليهوآلهوسلم وأنّهعليهالسلام قال: « لا أرتدي حتّى أجمعه »، وروي أنّه لم يرتدِ إلاّ للصلاة حتّى جمعه(١) .
ولكن أعلام الطائفة يذكرون بأنّ غاية ما تدلّ عليه الأحاديث أنّ مصحف عليعليهالسلام يمتاز عن المصحف الموجود بأنّه، كان مرتّباً على حسب النزول، وأنّه قدّم فيه المنسوخ على الناسخ، وكتب فيه تأويل بعض الآيات وتفسيرها بالتفصيل على حقيقة تنزيلها، أي كتب فيه التفاسير المنزلة تفسيراً من قبل الله سبحانه، وأنّ فيه المحكم والمتشابه،
__________________
(١) أُنظر: شرح ابن أبي الحديد ١: ٢٧، الاتقان ١: ٢٠٤، أنساب الاشراف ١: ٥٨٧، الطبقات الكبرى ٢: ٣٣٨، مناهل العرفان ١: ٢٤٧، كنز العمال ٢: ٥٨٨ / ٤٧٩٢.