نسخ التلاوة
قسّموا النسخ في الكتاب العزيز إلى ثلاثة أقسام:
١ - نسخ الحكم دون التلاوة، وهذا هو القسم الذي نطق به محكم التنزيل، وهو المشهور بين العلماء والمفسرين، وهو أمر معقولٌ مقبولٌ، حيثُ إنّ بعض الأحكام لم ينزل دفعةً واحدةً، بل نزل تدريجياً لتألفه النفوس وتستسيغه العقول، فنسخت تلك الأحكام وبقيت ألفاظها، لأسرارٍ تربويةٍ وتشريعيةٍ يعلمها الله تعالى.
٢ - نسخ التلاوة دون الحكم، وقد مثّلوا له بآية الرجم، فقالوا: إنّ هذه الآية كانت من القرآن ثمّ نسخت تلاوتها وبقي حكمها.
٣ - نسخ التلاوة والحكم معاً، وقد مثّلوا له بآية الرضاع.
وقد تقدّم في ثنايا البحث السابق أنّ البعض حمل قسماً من الروايات الدالة على النقصان على أنّها آيات نسخت تلاوتها وبقيت أحكامها، أو نسخت تلاوةً وحكماً، وذلك تحاشياً من التسليم بها الذي يفضي إلى القول بتحريف القرآن، وفراراً من ردّها وتكذيبها الذي يؤول إلى الطعن في الكتب الصحاح والمسانيد المعتبرة، أو الطعن في الأعيان الذين نُقلت عنهم، ولا شكّ أنّ القول بالضربين الأخيرين من النسخ هو عين القول بالتحريف: وهو باطل لما يلي:
١ - يستحيل عقلاً أن يرد النسخ على اللفظ دون الحكم، لأنّ الحكم لابدّ له من لفظ يدلّ عليه، فإذا رفع اللفظ فما هو الدليل الذي يدلّ عليه ؟