أغفلها الصحابة ( رضوان الله عليهم ) ولدونّها السلف الصالح في مصاحفهم »(١) .
الطائفة الثانية: الروايات الدالّة على الخطأ واللحن والتغيير.
الأولى: روي عن عثمان أنّه قال: « إنّ في المصحف لحناً، وستقيّمه العرب بألسنتها. فقيل له: ألا تغيره ؟ فقال: دعوه، فإنّه لا يحلّ حراماً، ولا يحرّم حلالاً »(٢) .
حمل ابن أشتة اللحن الوارد في الحديث على الخطأ في اختيار ما هو أولى من الأحرف السبعة، وعلى أشياء خالف لفظُها رَسْمَها، وهذا الحمل غير مستقيمٍ، والأولى منه هو ترك الرواية وتكذيبها وإنكارها، كما فعل الداني والرازي والنيسابوري وابن الأنباري والآلوسي والسخاوي والخازن والباقلاني وجماعة آخرين(٣) ، حيثُ صرّحوا أنّ هذه الرواية لا يصحّ بها دليل ولا تقوم بمثلها حجّة، لأنّ إسنادها ضعيف، وفيه اضطراب وانقطاع وتخليط، ولأنّ المصحف منقولٌ بالتواتر عن رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم فلا يمكن ثبوت اللحن فيه، ثمّ إنّ ما بين الدفّتين هو كلام الله بإجماع المسلمين، ولا يجوز أن يكون كلام الله لحناً وغلطاً، وقد ذهب عامّة الصحابة وسائر علماء الاَُمّة من بعدهم إلى أنّه لفظ صحيح ليس فيه أدنى خطأ من كاتبٍ ولا من غيره، واستدلّوا أيضاً على إنكار هذه الرواية
__________________
(١) الفرقان: ١٥٧.
(٢) الاتقان ٢: ٣٢٠، ٣٢١.
(٣) تاريخ القرآن الكردي: ٦٥، التفسير الكبير ١١: ١٠٥، تفسير النيسابوري ٦: ٢٣ المطبوع في هامش تفسير الطبري، تفسير الخازن ١: ٤٢٢.