وعمرو بن الحجاج وقال: ما يمنع هاني بن عروة من إتياننا؟
فقالوا : ماندري، وقد قيل: إنّه يشتكي.
فقال: قد بلغني ذلك وبلغني أنّه قد برء وأنّه يجلس علىٰ باب داره، ولو أعلم أنّه شاك لعُدته، فالقوه ومروه أن لايدع ما يجب عليه من حقّنا، فإنّي لا أحبّ أن يفسد عندي(١٢٠) مثله، لأنّه من أشراف العرب.
فأتوه حتّىٰ وقفوا عليه عشيّة علىٰ بابه، فقالوا: ما يمنعك من لقاء الأمير، فإنّه قد ذكرك وقال: لو أعلم أنّه شاكٍ لعُدته.
فقال لهم: الشكوىٰ تمنعني.
فقالوا له: إنّه قد بلغه إنّك تجلس علىٰ باب دارك كلّ عشيّة، وقد استبطاك، والإبطاء والجفاء لايحتمله السلطان من مثلك، لأنّك سيّدٌ في قومك، ونحن نقسم عليك إلّا ما ركبتَ معنا إليه. فدعا بثيا به فلبسها وفرسه فركبها، حتّىٰ إذا دنا من القصر كأنّ نفسه قد أحسّت ببعض الّذي كان، فقال لحسان بن أسماء بن خارجة(١٢١) : يابن أخي إنّي والله من هذا الرجل لخائف، فما ترىٰ؟
فقال: والله يا عمّ ما أتخوّف عليك شيئاً، فلا تجعل علىٰ نفسك سبيلاً، ولم يك حسّان يعلم في أيّ شيء بعث عبيدالله بن زياد. فجاء هاني والقوم معه حتّىٰ دخلوا جميعاً علىٰ عبيدالله، فلمّا رأىٰ هانياً قال: أتتك بخائن(١٢٢) رجلاه، ثمّ التفتَ إلىٰ شريح القاضي(١٢٣) - وكان جالساً عنده - وأشار إلىٰ هاني وأنشد بيت
____________
(١٢٠) ر: علي.
(١٢١) لم يذكروه.
(١٢٢) كذا في النسخ، والظاهر أن الصحيح: حائن، وهو الذي حان حينه وهلاكه، راجع مجمع الأمثال للميداني.
(١٢٣) شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم الكندي، أبو أُميّة، توفي سنة ٧٨ هـ، أصله من اليمن، ولي =