ثمّ سار الحسينعليهالسلام حتّىٰ بلغ زبالة(١٩٥) ، فأتاه فيها خبر مسلم(١٩٦) بن عقيل، فعرف بذلك جماعة ممّن تبعه، فتفرّق عنه أهل الأطماع والإرتياب، وبقي معه أهله وخيار الأصحاب.
قال الراوي(١٩٧) : وارتجّ الموضع بالبكاء والعويل(١٩٨) لقتل مسلم بن عقيل، وسالت الدموع عليه كلّ مسيل.
ثم ّ أنّ الحسينعليهالسلام سار قاصداً لِما دعاه الله إليه، فلقيه(١٩٩) الفرزدق، فسلّم عليه وقال: يابن رسول الله كيف تركن إلىٰ أهل الكوفة وهم الّذين قتلوا ابن عمّك مسلم بن عقيل وشيعته؟
قال : فاستعبر الحسينعليهالسلام باكياً، ثمّ قال: «رحم الله مسلماً، فلقد صار إلىٰ رَوْح الله وريحانه وتحيّته ورضوانه، أما أنّه قد قضىٰ ما عليه وبقي ما علينا »، ثمّ أنشأ يقول:
« فإن تكن الدنيا تعدّ نفيسة | فإنّ ثواب الله أعلا وأنبلُ | |
وإن تكن الأبدان للموت أُنشئت | فقتل امرءٍ بالسيف في الله أفضلُ | |
وإن تكن الأرزاق قسماً مقدّراً | فقلّة حرص المرء في السعي(٢٠٠) أجملُ |
____________
(١٩٥) بضمّ أوله: منزل معروف بطريق مكّة من الكوفة، وهي قرية عامرة بها أسواق بين واقصة والثعلبية. وقال أبو عبيدة السكوني: زبالة بعد القاع من الكوفة وقبل الشقوق فيها حصن وجامع لبني غاضرة من بني أسد.
معجم البلدان ٣/١٢٩.
(١٩٦) ب: حتّىٰ أتاه خبر مسلم في زبالة.
(١٩٧) الراوي، لم يرد في ر.
(١٩٨) والعويل، لم يرد في ر.
(١٩٩) ب: ثمّ أنه سار فلقيه.
(٢٠٠) ب: في الرزق.