7%

سقط بين القتلىٰ وقد أثخن بالجراح، ولم يزل كذلك وليس به حراك حتّىٰ سمعهم يقولون: قتل الحسين، فتحامل وأخرج من خفّه سكّيناً، وجعل يقاتلهم بها حتّىٰ قُتل، رضوان الله عليه.

قال: وجعل أصحاب الحسينعليه‌السلام يقاتلون(٨١) بين يديه، وكانوا كما قيل:

قومٌ إذ نُودوا لدفع ملمة

والخيل بين مدعّس ومكردس

لبسوا القلوب علىٰ الدروع وأقبلوا

يتهافتون علىٰ ذهاب الأنفس

فلمّا لم يبق معه إلّا أهل بيته، خرج عليّ بن الحسينعليه‌السلام - وكان من أصبح الناس وجهاً وأحسنهم خُلقاً - فاستأذن أباه في القتال، فأذن له.

ثم ّ نظر إليه نظرة آيسٍ منه، وأرخىٰعليه‌السلام عينيه وبكىٰ.

ثمّ قال: «اللّهم اشْهد، فقد برز إليهم غلامٌ أشبه الناس خَلقاً وخُلقاً ومَنطقاً برسولك صلى‌الله‌عليه‌وآله ،وكنّا إذا اشتقنا إلىٰ نبيّك نظرنا إليه ».

فصاح وقال: «يابن سعد قطع الله رحمك كما قطعت رحمي (٨٢) ».

فتقدّمعليه‌السلام نحو القوم، فقاتل قتالاً شديداً وقَتلَ جَمْعاً كثيراً.

ثمّ رجع إلىٰ أبيه وقال: يا أبه، العطش قد قتلني، وثقل الحديد قد أجهدني، فهل إلىٰ شربة ماء من سبيل؟

فبكىٰ الحسينعليه‌السلام وقال: «واغوثاه يا بنيّ، من أين آتي بالماء قاتل قليلاً، فما أسرع ما تلقىٰ جدّك محمداً عليه‌السلام ، فيسقيك بكأسه الأوفىٰ شربةً لا تظلمأ بعدها (٨٣) ».

____________

(٨١) ع: يسارعون إلىٰ القتل.

(٨٢) من قوله: وكنّا إذا اشتقنا إلىٰ هنا، لم يرد في ر، وورد في ع.

(٨٣) ع: بعدها أبداً.