قال: فأقام الله ظلّ القائمعليهالسلام وقال: بهذا أنتقم لهذا ».
قال الراوي: وارتفعت(١٤٤) في السماء في ذلك الوقت غبرة شديدة سوداء مظلمة فيها ريح حمراء لا يُرىٰ فيها عين ولا أثر، حتّىٰ ظنّ القوم أنّ العذاب قد جاءهم، فلبثوا كذلك ساعة، ثم انجلت عنهم.
و روىٰ هلال بن نافع قال: إنّي لواقف مع أصحاب عمر بن سعد إذ صرخ صارخ: أبشر أيّها الأمير، فهذا شمر قد قتل الحسينعليهالسلام .
قال: فخرجتُ بين الصفّين، فوقفتُ عليه، فإنه ليوجد بنفسه، فوالله ما رأيت قتيلاً مضمّخاً بدمه أحسن منه ولا أنور وجهاً، ولقد شغلني نور وجهه وجمال هيأته عن الفكر في قتله.
فاستسقىٰ في تلك الحال ماءً، فسمعتُ رجلاً يقول له: والله لا تذوق الماء حتّىٰ ترد الحامية فتشرب من حميمها!!!
فقال له الحسينعليهالسلام : «لا، بل (١٤٥) أرد علىٰ جدّي رسول الله صلىاللهعليهوآله وأسكن معه في داره في مقعد صدق عند مليكٍ مقتدر، وأشرب من ماءٍ غير آسن، وأشكو إليه ما ارتكبتم منّي وفعلتم بي ».
قال: فغضبوا بأجمعهم، حتّىٰ كأنّ الله لم يجعل في قلب أحدٍ منهم من الرحمة شيئاً، فاحتزّوا رأسه وإنّه ليكلّمهم، فعجبت من قلّة رحمتهم وقلت: والله لا أُجامعكم علىٰ أمرٍ أبداً.
قال: ثمّ أقبلوا علىٰ سلب الحسينعليهالسلام ، فأخذ قميصه إسحاق بن حوبة
____________
(١٤٤) ب: فلمّا قتل صلوات الله عليه، وأرتفت.
ولفظ: الراوي، لم يرد في ر. ب.
(١٤٥) ع: فتشرب من حميمها، فسمعته يقول: يا ويلك أنا لا أرد الحامية ولا أشرب من حميمها بل.