21%

فجعل أهل الكوفة ينحون ويبكون.

فقال علي بن الحسينعليه‌السلام : « أتنوحون وتبكون من أجلنا؟!! فمن الّذي قتلنا؟!! ».

قال بشير بن خزيم الأسدي(١٢) ونظرتُ إلىٰ زينب ابنت عليعليه‌السلام يومئذ، فلم أرَ خفرة قط أنطق منها، كأنّها(١٣) تفرغ من لسان أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وقد أومأَتْ إلىٰ الناس أنِ اسكتوا(١٤) ، فارتدّت الأنفاس وسكنت الأجراس، ثمّ قالت:

ا لحمد لله، والصلاة علىٰ جدّي(١٥) محمد وآله الطيّبين الأخيار.

أمّا بعد، يا أهل الكوفة، ياأهل الختل والغدر، أتبكون؟! فلا رقأت(١٦) الدمعة، ولا هدأت الرنّة، إنّما مثلكم كمثل الّتي نقضت غزلها من بعد قوّة أنكاثاً، تتخذرون أيمانكم دخلاً بينكم.

أ لا وهل فيكم إلّا الصلف والنطف(١٧) ، والصدر والشنف، وملق الإماء، وغمز الأعداء؟! أو كمرعىٰ علىٰ دمنة، أو كفضة علىٰ ملحودة، ألا ساء ما قدّمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون.

____________

= عمه الحسين بن علي إلىٰ العراق، وكان فيمن قدم به دمشق مع علي بن الحسين، ولد محمداً وانقرض ولده، وكان رجلاً ناسكاً من أهل الصلاح والدين.

(١٢) ر: شبير بن خزيم الاسدي.

في مستدركات علم الرجال ٢/٣٧: بشير بن جزيم الأسدي، لم يذكروه، وهو راوي خطبة مولاتنا زينبعليها‌السلام بالكوفة.

(١٣) ر: كأنّما.

(١٤) ر: اسكنوا.

(١٥) ب.ع: أبي.

(١٦) ر: فلا رقت.

(١٧) ر: والظّلف.