الأحزان، وأنستُ من بعدهم بجلباب الأشجان، ويئستُ أن يلم بي التجلّد والصبر، وقلت: يا سلوة الأيام موعدك الحشر.
و لقد أحسن ابن قتّة(٢١٢) رحمة الله عليه، وقد بكىٰ علىٰ المنزال المشار إليها(٢١٣) ، فقال:
مررتُ علىٰ أبيات آل محمدٍ | فلم أرها أمثالها يوم حلّتِ | |
فلا يُبعد الله الديارَ وأهلَها | وإن أصبحت منهم برغمي(٢١٤) تخلّتِ | |
ألا إنّ قتلىٰ الطف من آل هاشم | أذلّت رقاب المسلمين فذلّتِ | |
وكانوا غياثاً ثمّ أضحوا رزيّة | لقد عظمت تلك الرزايا وجلّتِ | |
ألم تر أنّ الشمس أضحت مريضة | لفقد حسين والبلاد اقشعرّتِ |
فاسلك أيّها السامع بهذا المصاب مسلك القدوة من حملة الكتاب.
فقد روي عن مولانا زين العابدينعليهالسلام - وهو ذو الحلم الذي لا يبلغ الوصف إليه - أنّه كان كثير البكاء لتلك البلوىٰ، عظيم البث والشكوىٰ.
فروي عن الصادقعليهالسلام إنه قال: « إنّ زين العابدينعليهالسلام بكىٰ علىٰ أبيه أربعين سنة، صائماً نهاره قائماً ليله، فإذا حضره الإفطاء جاء غلامه بطعامه وشرابه فيضعه بين يديه، فيقول: كل يا مولاي، فيقول: قتل ابن رسول الله جائعاً، قتل ابن رسول الله عطشاناً، فلا يزال يكرّر ذلك ويبكي حتّىٰ يبل طعامه من دموعه
____________
(٢١٢) في ر: ابن قبة، وفي ع: ابن قتيبة، والصحيح: ابن قتّة.
وهو سليمان بن قتّة العدوي التيمي، مولىٰ بني تيم بن مرّة، توفي بدمشق سنة ١٢٦ هـ، وكان منقطعاً إلىٰ بني هاشم.
سير أعلام النبلاء ٤/٥٩٦، وذكر أنّ قتّة اسم أمّه، وذكره أيضاً وفي أدب الطف ١/٥٤.
(٢١٣) ر: علىٰ المنزل المشار إليه.
(٢١٤) ع: بزعمي.