ساد العالم الإسلامي بعد وفاة الرسول هزّة عنيفة، وكان محور هذه العاصفة يدور حول منصب ( الخلافة )، ثمّ انتقل إلى كلِّ ما يرتبط بهذا المنصب، منها قرار مصادرة أرض ( فدك )، التي وهبها الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) لابنته فاطمة ( عليها السلام ) استناداً إلى مصالح مهمة، فقد صودرت من قِبل النظام الحاكم(1) .
لاحظت فاطمة ( عليها السلام ) أنّ هذا التجاوز الواضح، وما رافقه من تجاهل
____________________
1. ( فدك ) كما قلنا هي واحدة من القرى المعمورة، التي تقع على أطراف المدينة المنوّرة، ويسكنها جمع من اليهود، وهم كسائر يهود المدينة وخيبر في التآمر على الإسلام.
في السنة السابعة للهجرة وبعد أن تساقطت قلاع خيبر الواحدة تلو الأخرى أمام جنود الإسلام، وبعد أن تحطّمت قدرة اليهود المركزية، لجأ سكان ( فدك ) للصلح مع النبي ( صلّى الله عليه وآله )، والتسليم له، فقد أعطوه نصف الأرض والبساتين، واحتفظوا بالنصف الآخر.
قام الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) في حياته - طبقاً لِما نقله مؤرخو ومفسرو الشيعة والسنّة - بإعطاء فدك لفاطمة ( صلّى الله عليه وآله )، لكنّ غاصبي الحكومة الإسلامية بعد الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) قاموا بمصادرة تلك الأرض؛ استناداً إلى حجج باطلة، ومن ثَمَّ ضمها إلى بيت المال - وفي الواقع ضمّها إلى أموالهم ومنافعهم الشخصية - خوفاً من نموّ القدرة الاقتصادية لزوجة أمير المؤمنين علي ( عليه السلام )، وبالتالي منافستهم سياسياً على الخلافة، علماً أنّهم عمدوا إلى تشتيت أصحاب علي ( عليه السلام ).
إنِّ قصة فدك والحوادث المختلفة الأخرى، التي جرت في صدر الإسلام والمرحلة التي تلت ذلك، لهي من أغمِّ وأشدِّ ما أفرزه التاريخ الإسلامي ألماً وعبرةً ومآسياً، وهذا ما ورد تفصيله في فصل من هذا الكتاب وبشكل منفصل.