30%

المؤامرات في الكوفة

انّ سياسة معاوية القاسية من جراء نقض عهده للإمام الحسنعليه‌السلام تركت الشيعة ترزح تحت نير الإضطهاد، فأوصال تقطع، وأعين تسمل، وبمشهد منهم أرجل مفصولة، وعلى المشانق أنفس مزهقة، وفي أعماق السجون أعناق مغلولة، وبأرجاء الفلوات أناس مشردون، وعلى أطراف الرماح أرؤس مشالة يوم كان ابن سمية عارفا بهم منذ العهد العلوي فتتبعهم تحت كل حجر ومدر، وتحراهم في كل مغارة، فنكل بهم، ونال منهم، وأوقع فيهم، وهو القائل على منبر البصرة:

« إني أقسم بالله لآخذن المقيم بالظاعن، والمقبل بالمدبر، والصحيح منكم بالسقيم »(١)

وقد وصف هذا الحال أبو جعفر الباقرعليه‌السلام فقال:

« إنا أهل البيت لم نزل نستذل ونستضام ونقصى ونمتهن ونحرم ونُقتل ولا نأمن على دمائنا ودماء أوليائنا، ووجد الكاذبون الجاحدون موضعا يتقربون به الى أوليائهم وقضاة السوء وعمالهم في كل بلدة بالأحاديث المكذوبة، ورووا عنا ما لم نقله، ولم نفعله ليبغضونا الى الناس، وكان عظم ذلك وكبره في زمن معاوية بعد موت الحسنعليه‌السلام فقتلت شيعتنا بكل بلدة وقطعت الايدي والأرجل على الظنة، وكان من يذكّر بحبنا والانقطاع إلينا يسجن، وينهب ماله

____________

١) تاريخ الطبري ج٦ ص١٢٥.