لقد سجّل بعض الصحابة أول بادرة للانقلاب في حياة الرسول الأكرمصلىاللهعليهوآله وكان يوم الخميس ، والنبيصلىاللهعليهوآله مسجّىً قد اشتدّ به الوجع ، فكانت الرزية ، قال ابن عباس رضي الله عنه : لمّا اشتد بالنبيصلىاللهعليهوآله مرضه الذي مات فيه قالصلىاللهعليهوآله : «ائتوني بدواةٍ وقرطاس أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعدي ». فقال عمر : إنّ رسول الله قد غلبه الوجع ، حسبنا كتاب الله ـ وفي لفظ آخر : ما شأنه أهجر ، استفهموه! ـ فاختلف القوم واختصموا ، فمنهم من يقول : القول ما قال رسول الله ، ومنهم من يقول : القول ما قال عمر ، فلمّا أكثروا اللغط والاختلاف عندهصلىاللهعليهوآله غضب رسول اللهصلىاللهعليهوآله فقال لهم : «قوموا عني ، لا ينبغي عندي التنازع ».
قال ابن عباس : الرزية كلّ الرزية ما حال بين رسول اللهصلىاللهعليهوآله وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب ، من اختلافهم ولغطهم(١) .
فقدموا بين يدي رسول اللهصلىاللهعليهوآله وقد قال تعالى :( يا أيُّها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله ) (٢) وأكثروا اللغط في حضرته وقد قال
__________________
١) صحيح مسلم ٣ : ١٢٥٧ / ١٦٣٧ و١٢٥٩ / ٢٢ ـ كتاب الوصية. وصحيح البخاري ١ : ٦٥ / ٥٥ ـ كتاب العلم ، و٦ : ٢٩ / ٤٢٢ و٤٢٣ ـ كتاب المغازي ، و٧ : ٢١٩ / ٣٠ ـ كتاب المرض ، و٩ : ٢٠٠ / ١٣٤ ـ كتاب التوحيد. ومسند أحمد ١ : ٢٢٢ و ٣٢٤ و ٣ : ٣٤٦. ومسند أبي يعلى ٤ : ٢٩٨ / ٢٤٠٩. والبداية والنهاية ٥ : ٢٠٠. وتاريخ الطبري ٣ : ١٩٣. وتاريخ ابن خلدون ٢ : ٤٨٥. والملل والنحل / الشهرستاني ١ : ١٤ ـ المقدمة الرابعة. وشرح ابن أبي الحديد ٢ : ٥٥ و٦ : ٥١ ، وقال : اتفق المحدثون كافة على روايته.
٢) سورة الحجرات : ٤٩ / ١.