سواء كان نحلة أو ميراثاً ، وأن الخبر الذي تفرّد به أبو بكر قد جرّ على الاُمّة ولا يزال مزيداً من المحن والإحن ، وفتح عليها باب العداء على مصراعيه ، وأجّج البغضاء والشحناء ، وشقّ عصا المسلمين إلى اليوم.
لقد نصّ الكتاب الكريم على سهم ذوي القربى في قوله تعالى :( واعلموا إنّما غنمتم من شيء فأنّ لله خُمُسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ) (١) وكان رسول اللهصلىاللهعليهوآله يختص بسهمٍ من الخمس ، ويخصّ أقاربه بسهمٍ آخر منه ، فلمّا ولي أبو بكر تأوّل الآية ، فأسقط سهم النبيصلىاللهعليهوآله وسهم ذوي القربى ، ومنع بني هاشم من الخمس ، وجعلهم كسائر يتامى المسلمين ومساكينهم وأبناء السبيل منهم(٢) .
عن سعيد بن المسيب ، قال أخبرني جبير بن مطعم أنّه جاء هو وعثمان ابن عفان يكلمان رسول اللهصلىاللهعليهوآله فيما قسم من الخمس بين بني هاشم وبني المطلب ، فقلت : يا رسول الله ، قسمت لاِخواننا بني المطلب ، ولم تعطنا شيئاً ، وقرابتنا وقرابتهم منك واحدة؟ فقال النبيصلىاللهعليهوآله : «إنَّما بنو هاشمٍ وبنو المُطَّلب شيءٌ واحد ».
قال جبير : ولم يقسم لبني عبد شمس ولا لبني نوفل من ذلك الخمس ، كما قسّم لبني هاشم وبني المطلب ، قال : وكان أبو بكر يقسّم الخمس نحو
__________________
١) سورة الإنفال : ٨ / ٤١.
٢) راجع : الكشاف ٢ : ٢٢١. وفتح القدير / الشوكاني ٢ : ٣١٠ ـ ٣١٣. وتفسير القرطبي ٨ : ٩ ـ ١٥. وتفسير الطبري ١٠ : ٤ و ٥ و ٧.