21%

« فلو فرض أن لا نص بالخلافة على أحد من آل محمد6 وفرض كونهم مع هذا غير مبرزين في حسب أو نسب او اخلاق أو جهاد ، أو علم ، أو عمل ، او ايمان ، أو اخلاص ، ولم يكن لهم السبق في مضامير كل فضل ، بل كانوا كسائر الصحابة ، فهل كان مانع شرعي ، أو عقلي ، أو عرفي يمنع من تأجيل عقد البيعة الى فراغهم من تجهيز رسول الله6 ؟ ولو بأن يوكل حفظ الامن الى القيادة العسكرية موقتا حتى يستتب أمر الخلافة؟

أليس هذا المقدار من التريث كان أرفق باولئك المفجوعين؟ وهم وديعة النبي لديهم ، وبقيته فيهم. وقد قال الله تعالى :( لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ ) أليس من حق هذا الرسول ـ الذي يعز عليه عنت الامة ويحرص على سعادتها ، وهو الرءوف بها الرحيم لها ـ أن لا تعنت عترته فلا تفاجأ بمثل ما فوجئت به ـ والجرح لما يندمل والرسول لما يقبر »(1)

النبيّ6 مسجى على فراش الموت لم يغيبه عن عيون القوم مثواه ، وراحوا بهلع وجشع يتسابقون الى الحكم والسلطان ، واهملوا عترته ، واجمعوا على مجافاتهم ، وهضم حقوقهم ، وسلب تراثهم ، ومنذ ذلك اليوم واجهت العترة الوانا قاسية من النكبات والخطوب فاريقت دماؤها ، وسبيت نساؤها ، ولم ترع فيها قرابة النبي6 التي هي اولى بالرعاية والعطف من كل شيء.

2 ـ ومما يؤخذ على هذه البيعة انها لم تكن جامعة لاهل الحل والعقد الذي يعتبرونه هم شرطا اساسيا فى حصول الاجماع وفي مشروعية الانتخاب ، فقد الغى القوم استشارة الطبقة الرفيعة في الاسلام فلم يعتنوا

__________________

(1) النص والاجتهاد ص 7