2%

ملاحقة المسلمين له.

فعرف به النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فندب أصحابه فخرجوا في أثره ، وجعل أبو سفيان وأصحابه يتخففون فيلقون أكياس السويق ( وهو القمح المقلّى المطحون الملتوت بالسمن أو العسل ) ، وهي عامة زادهم ، فجعل المسلمون يمرّون بها فيأخذونها.

فسميت تلك الغزوة بغزوة السويق لهذا الشأن.

٣ ـ غزوة ذي أمرّ :

بلغ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن قبيلة غطفان تجمع أفرادها ، وتتأهب للعدوان على المدينة المنورة ، فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على رأس أربعمائة وخمسين رجلا.

فلما سمع العدو بمسير رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إليهم خافوا خوفا شديدا فهربوا إلى رءوس الجبال ، فرارا من النبيّ والمسلمين.

فخرج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إليهم يبحث عنهم فلم يلاق أحدا منهم ، وقد غيّبوا سرحهم وذراريهم في ذرى الجبال خوفا وفرقا.

فنزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « ذا أمرّ »(١) وعسكر معسكره هناك ، فأصابهم مطر كثير ، فذهب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ناحية ليقضي حاجة ، فأصابه ذلك المطر فبلّ ثوبه ، وقد جعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وادي « ذي أمرّ » بينه وبين أصحابه ، ثم نزع ثيابه فنشرها لتجف ، وألقاها على شجرة ، ثم اضطجع تحتها ، والأعراب ينظرون الى كلّ ما يفعل.

فقالت الأعراب لدعثور وكان سيّدها وأشجعها : قد أمكنك محمّد ، وقد انفرد من أصحابه ، حيث إن غوّث بأصحابه لم يغث حتى تقتله.

فاختار سيفا من سيوفهم صارما ثم أقبل مشتملا على السيف حتى قام على

__________________

(١) واد بطريق فيد إلى المدينة. وفاء الوفاء : ج ٢ ص ٢٤٩.