وسار النبيّ وأصحابه حتى اذا كانوا بمنطقة بين المدينة واحد تسمى « الشوط » انعزل عنه « عبد الله بن أبي بن سلول » وعاد بثلث الناس كلهم من الأوس المتحالفين معه إلى المدينة بحجة أن رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم أخذ برأي الفتية والشباب ، ورفض اقتراحه وهو البقاء في المدينة.
ومن هنا لم يشترك في هذه المعركة لا اليهود ولا حزب النفاق.
ثم إن رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم وأصحابه كانوا يرغبون في أن يسلكوا أقرب الطرق إلى معسكرهم من هنا اضطروا الى أن يمروا عبر بستان لمنافق من منافقي المدينة يدعى « مربع بن قيظي » وكان ضريرا ، فامتنع من ذلك ، واساء بالقول الى رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم فابتدره أصحاب النبيّ ليقتلوه فقال رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم :
« لا تقتلوه ، فهذا الأعمى أعمى القلب ، أعمى البصر »(١) .
استعرض رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم جيشه في منطقة تدعى بالشيخين(٢) ، وكانت الوجوه المشتاقة إلى الجهاد تلمع كما تلمع أشعة السيوف ، وتعكس إصرارا كبيرا على قتال الكفار ، ومجاهدة المشركين.
ولقد كان جيش رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم الذي خرج بهم لمجابهة قريش عند جبل احد يتألف من مقاتلين يتفاوتون في الأعمار تفاوتا كبيرا.
ففيهم الشيخ الكبير الطاعن في السن وفيهم الشاب الفدائيّ الذي لم يتجاوز الخامسة عشرة.
ولقد كان الدافع الذي يحرك الجميع الى ذلك هو تعشق الكمال الذي
__________________
(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٦٥ ، المغازي : ج ٢ ص ٢١٨.
(٢) ولقد كان من عادة النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم واسلوبه في جميع المعارك استعراض جيشه على الدوام ، وعدّهم ، وتسريح بعض العناصر الضعيفة احيانا.