ولذلك يجب عليهم انفسهم ملافاة تلك الخسارة ، وترميم ذلك العطب ، لكيلا يعودوا إلى مثل ذلك ، ولا يتجاهلوا أوامر القيادة ، ونحن نعلم أن الانضباطية والتقيد الكامل بالاوامر هو أهم عنصر في نجاح الامور العسكرية(١) .
بلغ نداء مؤذن النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم مسامع شاب من بني الاشهل كان قد شهد احدا مع رسول الله ، فخرج هو وأخوه وهما جريحان مع رسول الله لطلب العدوّ ، وقد قال أحدهما للآخر : أتفوتنا غزوة مع رسول الله.
وقد خرجا دون أن تكون لهما دابة يركبانها وكلاهما مصابان بجروح ثقيلة ، فكان الأيسر منهما يحمل الآخر مسافة ، فاذا تعب مشيا مسافة ، ثم عاد الى حمله حتى انتهيا الى ما انتهى إليه المسلمون(٢) .
خرج رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم بأصحابه الى حمراء الاسد ( وهي تبعد عن المدينة بثمانية أميال ) وقد استخلف على المدينة « ابن أمّ مكتوم ».
وهناك مرّ به « معبد بن أبي معبد الخزاعي » رئيس بني خزاعة ، وكانت خزاعة مسلمهم ومشركهم يومذاك ذات علاقات طيبة جدا مع رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم والمسلمين وكانوا لا يخفون عن النبيّ شيئا.
فتقدم معبد رئيسهم وعزّى رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم بما أصابه ، وهو يومئذ مشرك قائلا : يا محمّد أما والله لقد عزّ علينا ما أصابك ، ولوددنا أنّ الله عافاك فيهم.
ثم خرج معبد حتى لقي أبا سفيان ومن معه بمنطقة تدعى بالروحاء وقد
__________________
(١) كلا هذين الوجهين يستقيمان إذا قلنا بان النبيّ خرج بكل من شارك في احد لا أنه اقتصر على الجرحى ، كما تصرح به بعض النصوص التاريخية.
(٢) امتاع الاسماع : ج ١ ص ١٦٨ ، السيرة النبوية : ج ٢ ص ١٠١.
(٣) لقد عدّ البعض خروج رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم الى حمراء الاسد لملاحقة العدوّ غزوة مستقلة ، وذكرها البعض الآخر في ذيل معركة احد.