فهو ببعثه للسرايا والمجموعات العسكرية كان يقصد في الحقيقة القضاء على محاولات التمرّد ، والتآمر التي كانت في مرحلة التحقق والتكوّن لكي يتسنى للمجموعات التبليغية في ظل الأمن والحرية الدعوة إلى الاسلام ، والقيام بوظيفتها الاساسية ألا وهي ارساء دعائم الحكومة الاسلامية في القلوب ، وتنوير الافكار ، وايقاظ العقول.
ولكن بعض القبائل المتوحّشة ، والمنحطّة أخلاقيا وفكريّا كانت تتحايل على المجموعات التبليغية التي كانت تمثل القوى المعنوية للاسلام ، والتي لم يكن لها هدف سوى نشر التوحيد ، واقتلاع جذور الكفر والوثنية ، وكانوا يقتلونهم بصورة فضيعة ومفجعة.
وفيما يلي نلفت نظر القارئ الكريم إلى قصة مجموعة من الدعاة والمبلّغين الذين لقوا هذا المصير وكان عددهم يبلغ ستة أشخاص حسب رواية ابن هشام(١) ، أو عشرة أشخاص حسب رواية ابن سعد(٢) .
لقد مشت جماعة من قبيلتي « عضل » و « القارة » إلى رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم وقالوا ـ وهم يضمرون المكر ـ يا رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم إن فينا إسلاما فاشيا فابعث معنا نفرا من أصحابنا يقرءوننا القرآن ، ويفقهوننا في الاسلام.
فرأى رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم أن من واجبه الاستجابة لمطلب تلك الجماعة التي كانت تمثل قبائل كبرى ، وكما رأى المسلمون أيضا أن من واجبهم أن يستفيدوا من هذه الفرصة مهما كلّف الثمن.
من هنا بعث رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم جماعة بقيادة « مرثد بن أبي مرثد
__________________
(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ١٦٩ ، وقال في امتاع الاسماع : ج ١ ص ١٧٤ انهم سبعة اشخاص.
(٢) الطبقات الكبرى : ج ٢ ص ٥٥.