هذا وقد كان « العباس بن عبد المطلب » من المسلمين الذين بقوا في مكة بأمر رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ليتجسس له الأخبار ، ويطلعه على نوايا قريش ، وخططهم أوّلا بأوّل.
وقد تظاهر العباس ـ بعد فتح خيبر ـ بإسلامه ، ولكنه بقي محافظا على علاقاته بسادة قريش وزعمائها ، فقرّر أخيرا أن يكون آخر من يهاجر من بيوت المسلمين ، فغادر مكة متوجها إلى المدينة ، وصادف خروجه مسير رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم إلى مكة ، فالتقى ببعض الطريق رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم .
ولقد كان بقاء العباس بن عبد المطلب في مكة بعد هجرة رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم مفيدا للجانبين : ( قريش والمسلمين ) فلو لم يكن العباس ، ونشاطاته السياسية ، الذكيّة ، لما تيسّر فتح مكة من دون مقاومة قريش ، ومن دون إراقة دماء وإزهاق نفوس.
من هنا لا يبعد أن يكون خروج العباس من مكة في تلك اللحظات والظروف الخطيرة قد كان هو الآخر بأمر رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم لكي يستطيع القيام بدوره الإصلاحي ، الذي سنأتي على ذكره قريبا.
لقد كانت سوابق رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم المشرفة ، واخلاقه الحميدة ، وصدقه وأمانته ، طوال حياته من الامور الواضحة المعلومة عند أقربائه ، وأبناء عشيرته.
فقد كان الجميع يعلم بأن رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم لم يرتكب طيلة حياته الشريفة إثما ، ولم يفكر في ذنب ، ولم ينو الاعتداء على أحد ، ولم يقل بلسانه سوءا ولا قبيحا ، ولا خان في امانة ، ولا افشى سرا ولا تخلف عن فضيلة.
ولهذا استجاب لدعوته ـ في الايام الاولى من دعوته العامة ـ الاكثرية الساحقة من قبيلته ( بني هاشم ) ، والتفّوا حوله ، وتحمّلوا الدفاع عنه ، ودعم