من أبرز الادلة وأقواها وأوضحها على إمامة عليّ بن أبي طالبعليهالسلام وخلافته بعد رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم بلا فصل :
« كذبوا ، ولكنّني خلّفتك لما تركت ورائي فارجع فاخلفني في أهلي وأهلك أفلا ترضى يا عليّ أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي »(١) .
فرجع عليّعليهالسلام الى المدينة المنورة ، ومضى رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم على سفره(٢) .
لقد دأب رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم إذ خرج لتأديب قوم يكيدون بالاسلام ، ويمنعون من تقدمه وانتشاره أو يقصدون الهجوم على المدينة واجتياحها ، أو إيجاد فتن فيها ، على أن لا يبوح بمقصده ووجهته لجنوده وامراء جيشه ، وأن يسير بالجيش في طريق آخر غير الوجه الذي ينويه باطنا ، حتى لا يعرف به العدو فيهيّأ لمواجهته ، وبذلك يتسنى لهصلىاللهعليهوآلهوسلم أن يباغت العدوّ ، ويحقّق الانتصار الساحق عليه(٣)
غير أنّ رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم عدل عن هذه السيرة في قضية غزو الروميّين الذين اجتمعوا في حدود الشام وهم يتأهّبون للهجوم على عاصمة الاسلام.
فقد بيّن للناس ـ منذ أعلن التعبئة العامة ـ الوجهة التي يقصدها ، وكان السرّ في ذلك هو أن يعرف المجاهدون أهمية هذا السفر وصعوبته ، وأن يحملوا الزاد الكافي والعدة اللازمة.
__________________
(١) امتاع الاسماع : ج ١ ص ٤٤٩ و ٤٥٠.
(٢) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٥٢٠ ، بحار الأنوار : ج ٢١ ص ٢٠٧ و ٢٠٨ ، وللوقوف على دلالة هذا الحديث على امامة امير المؤمنينعليهالسلام راجع كتب العقائد والكلام.
(٣) المغازي : ج ٣ ص ٩٩٠.