لما رأى وفد نجران هذا الأمر ( وهو خروج النبي باحبّته واعزته ) وسمعوا ما قاله اسقف نجران تشاوروا فيما بينهم ثم اتفقوا على عدم مباهلة النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم ، معلنين عن استعدادهم لدفع الجزية للنبي كل سنة ، لتقوم الحكومة الاسلامية في المقابل بالدفاع عن أنفسهم وأموالهم ، فقبل النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم بذلك ، وتقرّر أن يتمتع نصارى نجران بسلسلة من الحقوق في ظل الحكومة الإسلامية لقاء مبالغ ضئيلة يدفعونها سنويا ، ثم قال النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم :
« أما والّذي نفسي بيده لقد تدلّى العذاب على أهل نجران ، ولو لاعنوني لمسخوا قردة وخنازير ولأضرم الوادي عليهم نارا ولاستأصل الله تعالى نجران وأهله ».
عن عائشة : إن رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم خرج ( أي يوم المباهلة ) وعليه مرط(١) مرجّل من شعر أسود ، فجاء الحسن فادخله ثم جاء الحسين فادخله ، ثم فاطمة ، ثم عليّ ، ثم قال : «إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً »(٢) .
ثم يقول الزمخشري في نهاية هذا الكلام : وفيه دليل لا شيء أقوى منه على فضل أصحاب الكساءعليهمالسلام ، وفيه برهان على صحة نبوة النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم ، لأنه لم يرو أحد من موافق ولا مخالف أنهم أجابوا إلى ذلك.
سأل وفد نجران النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم أن يكتب مقدار الجزية التي اتفق على دفعها من قبل أهالى نجران الى النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم في كتاب ، وأن
__________________
(١) كساء.
(٢) الاحزاب : ٣٣.