ألا يمكن بعد ملاحظة هذين الحديثين والتشابه الموجود بينهما الحدس ـ بصورة قطعية ـ بان ما كان يهدفه رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم من طلب الدواة والصحيفة هو مفاد كتابة حديث الثقلين ، أو ما هو أعلى ممّا يفيده حديث الثقلين وهو تعزيز ودعم ولاية الامام عليعليهالسلام وخليفته مباشرة وبلا فصل وهو الذي عيّنه للإمارة والخلافة في الثامن عشر من شهر ذي الحجة عند مفترق طرق الحجاج المدنيين والعراقيين والمصريين والحجازيين وأعلن عن ذلك بصورة شفاهية.
هذا مضافا إلى أن مخالفة من شكّل شورى الخلافة في سقيفة بني ساعدة بعد وفاة رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ورشح رفيقه القديم للخلافة بصورة خاصة بعد رحيل رسول الله إلى ربّه ، وحصل هو بدوره على اجرته عند موت الأوّل بصورة نقديّة وعينه للخلافة خلافا لجميع القواعد والاصول ، خير شاهد على أن القرائن التي كانت في مجلس النبي وكلامه كانت تكشف عن أن النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم كان يريد أن يملي علي كاتبه امرا يتعلق بخلافة المسلمين والامارة والقيادة التي اثبتها لعلي واهل بيته الطاهرين في احاديثه وخطبه.
ولهذا خالف القوم الحضور هذا المطلب بشدة وحالوا دون الاتيان بالقلم والقرطاس بوقاحة ، وخالفوا كتابة شيء ، وإلاّ فلما ذا أصرّوا في مخالفتهم وارتكبوا ما ارتكبوا.
كان في إمكان رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم رغم معاكسات جماعة من أصحابه أن يطلب كاتبه ويكتب الكتاب الذي كان يريد ، فلما ذا لم يتصرف هكذا ، ولم يستغل مكانته القويّة بل امتنع عن ذلك؟
إن الاجابة على هذا السؤال واضحة : فلو أن النبي كان يصرّ على كتابة الكتاب لأصرّوا في الاساءة الى النبي الذي قالوا عنه انه غلبه الوجع أو هجر ،