3%

ألسنا نخوض الموتَ في حَوْمَة الوَغَى

إذا طَابَ وِرْدُ الموتِ بَيْنَ العساكر

ونضرب هام الدَّار عين وَنَنْتَمِي

إلى حسب من جِذْم غَسَّان قاهر

فلو لا حياءُ الله قلْنا تكَرُّما

على الناس بالخَيفين هل من منافر

فأَحياؤُنا مِن خير مَن وطِئَ الحصى

وأمواتنا مِن خير أهل المقابر

قال : فقام الأقْرَع بن حابس فقال : إني والله لقد جئت لأمر ما جاء له هؤلاء ، وقد قلت شعراً فأسمعه ، فقال : هات ، فقال :

أتيناك كيما يعرف الناسُ فضلنَا

إذا فاخرُونا عند ذكرِ المكارمِ

وإنا رؤوس الناس في كلّ مَعْشَرٍ

وأن ليس في أرض الحجاز كَدَارِمِ

وإنّ لنا المِرْبَاعَ في كل غارة

تكون بنجد أو بأرض التَّهَائمِ

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : قم يا حسان فأجبه [فقام حسان] فقال :

بَنِي دَارِمٍ لا تفخروا إنّ فَخْرَكُمْ

يَعودُ وَبَالاً عند ذكرِ المكارِم

هَبِلْتُم علينا تَفْخَرُونَ وأنتُم

لنا خَوَلٌ من بين ظِئْرٍ وخَادِمِ

وأفْضلُ ما نلتم من المجد والعُلَى

رِدَافَتُنا منْ بعد ذكر الأكارم

فإن كنتُم جئتُم لَحِقْنِ دمائكمْ

وأموالكم أن تقسموا في المَقاسِمِ

فلا تجعلوا لله نداً وأسلموا

ولا تفخروا عند النبي بدارم

وإلا وربِّ البيت مالت أكُفُّنَا

على هامِكم بالمُرْهَفَات الصَّوارِمِ

قال : فقال الأقْرَع بن حابس فقال : إِن محمداً لمؤتى له والله ما أدري ما هذا الأمر! تكلم خطيبنا فكان خطيبهم أحسن قولاً ، وتكلم شاعرنا فكان شاعرهم أشعر. ثم دنا من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما يَضُرُّكَ ما كان قبل هذا» ، ثم أعطاهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم وكساهم ، وارتفعت الأصوات ، وكثر اللَّغط عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأنزل الله تعالى هذه الآيات( لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِ ) إلى قوله :( وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ) .

[٣٩٢]

قولهعزوجل :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ) الآية. [٦].