5%

ثمّ إنّ هذه الشبهة مذكورة مع جوابها في أوائل الكتب التي يدرسها المبتدئون مثل ( سلّم الثبوت ) و ( شروحه )، ولكن ( الدهلوي ) قد غفل عن ذلك لشدة إنهماكه في الخرافات، وسعيه وراء إنكار الحقائق بالشبهات.

٣ - نص كلام الرازي

ولمـّا كان كلام ( الدهلوي ) هذا ملخصّاً لكلام الفخر الرازي فإنّا نورد نص عبارة الرازي في ( نهاية العقول ) في هذا المقام، ثم نشرع في استيصال شبهاته بالتفصيل، فيكون كلام ( الدهلوي ) هباء منثوراً، وهذه عبارة الرازي بعينها:

« ثانيهما: إن ( المولى ) لو كان يجيء بمعنى ( الأولى ) لصح أن يقرن بأحدهما كل ما يصح قرنه بالآخر، لكنه ليس كذلك، فامتنع كون المولى بمعنى الأولى.

بيان الشرطية: إن تصرف الواضع ليس إلّا في وضع الألفاظ المفردة للمعاني المفردة، فأما ضمّ بعض تلك الألفاظ إلى البعض - بعد صيرورة كلّ واحد منها موضوعاً لمعناه المفرد - فذلك عقلي. مثلاً إذا قلنا « الانسان حيوان » فإفادة لفظة « الإنسان » للحقيقة المخصوصة بالوضع، وإفادة لفظ « الحيوان » للحقيقة المخصوصة أيضاً بالوضع. فأمّا نسبة الحيوان إلى الإنسان بعد المساعدة على كون كل واحد من هاتين اللفظتين موضوعة للمعنى المخصوص، فذلك بالعقل لا بالوضع.

وإذا ثبت ذلك فلفظة « الأولى » إذا كانت موضوعة لمعنى، ولفظة « من » موضوعة لمعنى آخر، فصحة دخول أحدهما على الآخر لا يكون بالوضع بل بالعقل.

وإذا ثبت ذلك فلو كان المفهوم من لفظة « الأولى » بتمامه من غير زيادة ولا نقصان هو المفهوم من لفظة « المولى »، والعقل حكم بصحة اقتران المفهوم من لفظة « من » بالمفهوم من لفظة « الأولى »، وجب صحة اقترانه أيضاً بالمفهوم من لفظة « المولى »، لأن صحة ذلك الاقتران ليست بين اللفظتين بل بين مفهوميهما.