وإذا تطيّب عامداً أو ناسياً وذكر ، وجب عليه غسله ، ويستحب له أن يستعين في غسله بحلال ، ولو غسله بيده ، جاز ؛ لأنّه ليس بمتطيّب ، بل تارك للطيب ، كالغاصب إذا خرج من الدار المغصوبة على عزم الترك للغصب.
ولأنّ النبيعليهالسلام قال للذي رأى عليه طيباً : ( اغسل عنك الطيب )(١) ولو لم يجد ماءً يغسله به ووجد تراباً ، مسَحَه به أو بشيء من الحشيش أو ورق الشجر ؛ لأنّ الواجب إزالته بقدر الإمكان.
ويقدّم غسل الطيب على الطهارة لو قصر عنهما وتيمّم ؛ لأنّ للطهارة بدلاً.
ولو أمكنه قطع رائحة الطيب بشيء غير الماء ، فَعَله وتوضّأ بالماء.
ويجوز له شراء الطيب وبيعه إذا لم يشمّه ، ولا يلمسه ، كما يجوز له شراء المخيط والإِماء.
مسألة ٣٨٩ : إنّما تجب الفدية باستعمال الطيب عمداً ، فلو استعمله ناسياً أو جاهلاً بالتحريم ، لم يكن عليه فدية ، ذهب إليه علماؤنا ، وبه قال الشافعي(٢) ؛ لما رواه العامّة : أنّ أعرابيّاً جاء إلى النبيصلىاللهعليهوآله بالجعرانة وعليه مقطّعة(٣) له وهو متضمّخ بالخلوق ، فقال : يا رسول الله أحرمت وعليَّ هذه ، فقال له النبيصلىاللهعليهوآله : ( انزع الجُبّة واغسل الصفرة )(٤) ولم يأمره بالفدية.
____________________
(١) أورده ابنا قدامة في المغني ٣ : ٥٣٤ ، والشرح الكبير ٣ : ٣٥٣.
(٢) الاُم ٢ : ١٥٤ ، فتح العزيز ٧ : ٣٦١ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٢٠ ، المجموع ٧ : ٣٤٠ و ٣٤٣.
(٣) مقطعة : أي ثوب قصير ، النهاية - لابن الأثير - ٤ : ٨١.
(٤) سنن النسائي ٥ : ١٤٢ - ١٤٣ ، مسند أحمد ٤ : ٢٢٤ ، المغني ٣ : ٥٣٦ بتفاوت في اللفظ.