وقال أبو حنيفة أوّلاً : إن استدام اللُّبْس أكثر النهار ، وجبت الفدية ، وإن كان أقلّ ، فلا.
وقال أخيراً : إن استدامة طول النهار ، وجبت الفدية ، وإلّا فلا ، لكن فيه صدقة(١) .
وعن أبي يوسف روايتان(٢) ، كقولي أبي حنيفة.
والحقّ ما قلناه ؛ لقوله تعالى :( فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) (٣) معناه : فمَنْ كان منكم مريضاً فلبس أو تطيّب أو حلق بلا خلاف ، فعلّق الفدية بنفس الفعل دون الاستدامة.
مسألة ٣٨٤ : لو لبس عامداً ، وجبت الفدية على ما تقدّم ، سواء كان مختاراً أو مضطرّاً ؛ لأنّه ترفّه بمحظور لحاجته ، فكان عليه الفداء ، كما لو حلق لأذى.
أمّا لو اضطرّ إلى لُبْس الخُفّين والجور بين ، فليلبسهما ، ولا شيء عليه ، لقول الصادقعليهالسلام : « وأيّ مُحْرم هلكت نعلاه فلم يكن له نعلان فله أن يلبس الخُفّين إذا اضطرّ إلى ذلك ، والجوربين يلبسهما إذا اضطرّ إلى لُبْسهما »(٤) .
____________________
(١) الهداية - للمرغيناني - ١ : ١٦١ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٢٥ - ١٢٦ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٨٦ - ١٨٧ ، وحكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٣٠١ ، المسألة ٨٦.
(٢) بدائع الصنائع ٢ : ١٨٧ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٢٥ ، الهداية - للمرغيناني - ١ : ١٦١ ، وحكاهما عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٣٠١ ، المسألة ٨٦.
(٣) البقرة : ١٩٦.
(٤) التهذيب ٥ : ٣٨٤ / ١٣٤١.