وقال بعض الناس من العامّة : إنّ ذلك منسوخ بجواز القتال في كلّ وقت ومكان ؛ لقوله تعالى :( فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ) (١) (٢) وبعث النبيصلىاللهعليهوآله خالد بن الوليد إلى الطائف في ذي القعدة(٣) .
وأصحابنا قالوا : إنّ حكم ذلك باقٍ فيمن يرى لهذه الأشهر وللحرم حرمةً ، والعامّ قد يُخصّ بغيره.
مسألة ٤ : أوجب الله تعالى في كتابه الهجرة عن بلاد الشرك وبقوله تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها ) (٤) .
والناس في الهجرة على أقسام ثلاثة :
الأوّل : مَنْ تجب عليه ، وهو مَنْ كان مستضعفاً من المسلمين بين الكفّار لا يمكنه إظهار دينه ولا عذر لهم من وجود عجز عن نفقة وراحلة.
الثاني : مَنْ لا تجب عليه الهجرة من بلاد الكفّار لكن تُستحبّ لهم ، وهو كلّ مَنْ كان من المسلمين ذا عشيرة ورهط تحميه عن المشركين ، ويمكنه إظهار دينه والقيام بواجبه ، ويكون آمناً على نفسه ، كالعبّاس وإنّما استحبّ له المهاجرة لئلّا يكثر سواد المشركين.
الثالث : مَنْ تسقط عنه الهجرة لأجل عذر من مرضٍ أو ضعفٍ أو
____________________
(١) التوبة : ٥.
(٢) أحكام القرآن - للكياهراسي - ١ : ٨٣ ، أحكام القرآن - للجصّاص - ١ : ٢٥٨ ، أحكام القرآن - لابن العربي - ١ : ١٠٧ ، الجامع لأحكام القرآن ٢ : ٣٥١.
(٣) اُنظر : المغازي - للواقدي - ٣ : ٩٢٣ ، وتفسير الطبري ٤ : ٣١٤ ، وتاريخ الطبري ٢ : ١٧٧ ، والطبقات الكبرى - لابن سعد - ٢ : ١٥٨.
(٤) النساء : ٩٧.